صفحة جزء
باب في التحليل

2076 حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير حدثني إسمعيل عن عامر عن الحارث عن علي رضي الله عنه قال إسمعيل وأراه قد رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعن الله المحلل والمحلل له حدثنا وهب بن بقية عن خالد عن حصين عن عامر عن الحارث الأعور عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال فرأينا أنه علي عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه
[ ص: 70 ] ( قال إسماعيل وأراه ) : بضم الهمزة أي أظنه والضمير المنصوب يرجع إلى عامر ( قد رفعه ) : أي الحديث ( لعن المحل ) : اسم فاعل من الإحلال ، وفي بعض النسخ المحلل من التحليل وهما بمعنى أي الذي تزوج مطلقة غيره ثلاثا بقصد أن يطلقها بعد الوطء ليحل المطلق نكاحها . قيل سمي محللا لقصده إلى التحليل ( والمحلل له ) بفتح اللام الأولى أي الزوج الأول وهو المطلق ثلاثا .

قال الحافظ في التلخيص : استدلوا بهذا الحديث على بطلان النكاح إذا شرط الزوج أنه إذا نكحها بانت منه أو شرط أنه يطلقها أو نحو ذلك ، وحملوا الحديث على ذلك ، ولا شك أن إطلاقه يشمل هذه الصورة وغيرها ، لكن روى الحاكم والطبراني في الأوسط من طريق أبي غسان عن عمر بن نافع عن أبيه قال : جاء رجل إلى ابن عمر فسأله عن رجل طلق امرأته ثلاثا فتزوجها أخ له عن غير مؤامرة ليحلها لأخيه هل يحل للأول قال لا إلا بنكاح رغبة ، كنا نعد هذا سفاحا على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - .

وقال ابن حزم : ليس الحديث على عمومه في كل محلل إذ لو كان كذلك لدخل فيه كل واهب وبائع ومزوج ، فصح أنه أراد به بعض المحلين ، وهو من أحل حراما لغيره بلا حجة ، فتعين أن يكون ذلك فيمن شرط ذلك لأنهم لم يختلفوا في أن الزوج إذا لم ينو تحليلها للأول ونوته هي أنها لا تدخل في اللعن ، فدل على أن المعتبر الشرط والله أعلم انتهى .

قال الخطابي في المعالم : إذا كان ذلك عن شرط بينهما فالنكاح فاسد ، لأن العقد متناه إلى مدة كنكاح المتعة ، وإذا لم يكن شرطا وكان نية وعقيدة فهو مكروه ، فإن أصابها الزوج ثم طلقها وانقضت العدة فقد حلت للزوج الأول وقد كره غير واحد من العلماء أن [ ص: 71 ] يضمرا أو ينويا أو أحدهما التحليل ، وإن لم يشترطاه . قال إبراهيم النخعي : لا يحلها لزوجها الأول إلا أن يكون نكاح رغبة ، فإن كانت نية أحد الثلاثة الزوج الأول أو الثاني أو المرأة أنه محلل ، فالنكاح باطل ولا تحل للأول .

وقال سفيان الثوري : إذا تزوجها وهو يريد أن يحللها لزوجها ثم بدا له أن يمسكها لا يعجبني إلا أن يفارقها ويستأنف نكاحا جديدا . وكذلك قال أحمد بن حنبل . وقال مالك بن أنس : يفرق بينهما على كل حال . انتهى كلام الخطابي .

وإنما لعنهما لما في ذلك من هتك المروءة وقلة الحمية والدلالة على خسة النفس وسقوطها . أما بالنسبة إلى المحلل له فظاهر ، وأما بالنسبة إلى المحلل فلأنه يعير نفسه بالوطء لغرض الغير فإنه إنما يطؤها ليعرضها لوطء المحلل له ، ولذلك مثله - صلى الله عليه وسلم - بالتيس المستعار . ذكره في المرقاة نقلا عن القاضي .

( فرأينا أنه ) : أي الرجل ( بمعناه ) : أي بمعنى الحديث المذكور .

قال المنذري : وأخرجه الترمذي وابن ماجه وقال الترمذي : حديث علي وجابر بن عبد الله [ ص: 72 ] حديث معلول . هذا آخر كلامه .

والحارث هذا هو ابن عبد الله الأعور الكوفي كنيته أبو زهير وكان كذابا . وقد روى هذيل بن شرحبيل عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنهم قال : لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المحلل والمحلل له أخرجه الترمذي والنسائي . وقال الترمذي حديث حسن صحيح وقال النخعي : لا يحلها لزوجها الأول إلا أن يكون نكاح رغبة ، فإن كان نية أحد الثلاثة الزوج الأول أو الثاني أو المرأة أنه محلل فالنكاح باطل ولا تحل للأول وقال الشافعي : إن عقد النكاح مطلقا لا شرط فيه ، فالنكاح ثابت ولا تفسد النية من النكاح شيئا لأن النية حديث نفس وقد رفع عن الناس ما حدثوا به أنفسهم انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية