الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      2075 حدثنا محمد بن يحيى بن فارس حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا أبي عن ابن إسحق حدثني عبد الرحمن بن هرمز الأعرج أن العباس بن عبد الله بن العباس أنكح عبد الرحمن بن الحكم ابنته وأنكحه عبد الرحمن ابنته وكانا جعلا صداقا فكتب معاوية إلى مروان يأمره بالتفريق بينهما وقال في كتابه هذا الشغار الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( وكانا جعلا صداقا ) : مفعول جعلا الأول محذوف أي كانا جعلا إنكاح كل [ ص: 69 ] واحد منهما الآخر ابنته صداقا ( فكتب معاوية ) : بن أبي سفيان الخليفة ( إلى مروان ) : بن الحكم وكان على المدينة من قبل معاوية رضي الله عنه ( وقال في كتابه ) : الذي كتب إلى مروان ( هذا الشغار الذي نهى عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) : قال الإمام الخطابي في المعالم : إذا وقع النكاح على هذه الصفة كان باطلا لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عنه . ولم يختلف الفقهاء أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن نكاح المرأة على عمتها وخالتها على التحريم وكذلك نهى عن نكاح المتعة فكذلك هذا .

                                                                      وممن أبطل هذا النكاح مالك والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو عبيد . وقال أصحاب الرأي وسفيان الثوري : النكاح جائز ولكل واحدة منهما مهر مثلها ، ومعنى النهي في هذا عندهم أن يستحل الفرج بغير مهر وقال بعضهم : أصل الشغر في اللغة الرفع يقال : شغر الكلب برجله إذا رفعها عند البول ، قال : وإنما سمي هذا النكاح شغارا لأنهما رفعا المهر بينهما ، قال : وهذا القائل لا ينفصل ممن قال بل سمي شغارا لأنه رفع العقد من أصله فارتفع النكاح والمهر معا ، ويبين ذلك أن النهي قد انطوى على أمرين معا أن البدل هاهنا ليس شيئا غير العقد ولا العقد شيء غير البدل ، فهو إذا فسد مهرا فسد عقدا وإذا أبطلته الشريعة فإنها أفسدته على الجهة التي كانوا يوقعونه وكانوا يوقعونه مهرا وعقدا ، فوجب أن يفسدا معا . وكأن ابن أبي هريرة يشبهه برجل تزوج امرأة واستثنى عضوا من أعضائها ، وهو ما لا خلاف في فساده . قال : وكذلك الشغار لأن كل واحد منهما قد زوج وليته واستثنى بضعها حتى جعله مهرا لصاحبتها ، وعلله فقال : لأن المعقود له معقود به ، وذلك لأن المعقود لها معقود بها ، فصار كالعبد تزوج على أن يكون رقبته صداقا للزوجة انتهى .

                                                                      قال المنذري : في إسناده محمد بن إسحاق انتهى . قلت : صرح بالتحديث .




                                                                      الخدمات العلمية