صفحة جزء
باب ما جاء في الصدقة عن الميت

2880 حدثنا الربيع بن سليمان المؤذن حدثنا ابن وهب عن سليمان يعني ابن بلال عن العلاء بن عبد الرحمن أراه عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة أشياء من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له
[ ص: 69 ] ( عن سليمان يعني ابن بلال عن العلاء ) : هذا الإسناد هكذا في جميع النسخ وكذا في الأطراف وفي بعض النسخ زيادة راويين بين سليمان والعلاء وهو غلط ( انقطع عنه عمله ) : أي فائدة عمله وتجديد ثوابه ( إلا من ثلاثة أشياء ) : فإن ثوابها لا ينقطع بل هو دائم متصل النفع ( من صدقة جارية ) : كالأوقاف . ولفظ مسلم إلا من صدقة قال الطيبي : وهو بدل من قوله إلا من ثلاث أي ينقطع ثواب عمله من كل شيء ولا ينقطع ثوابه من هذه الثلاث . قاله المناوي ( أو علم ينتفع به ) : كتعليم وتصنيف . قال التاج السبكي : والتصنيف أقوى لطول بقائه على ممر الزمان ( أو ولد صالح يدعو له ) : قال ابن الملك : قيد بالصالح لأن الأجر لا يحصل من غيره . انتهى . وقال ابن حجر المكي : المراد من الصالح المؤمن .

قال المناوي : وفائدة تقييده بالولد مع أن دعاء غيره ينفعه تحريض الولد على الدعاء .

وورد في أحاديث أخر زيادة على الثلاثة وتتبعها السيوطي فبلغت أحد عشر ونظمها في قوله :

إذا مات ابن آدم ليس يجري عليه من فعال غير عشر     علوم بثها ودعاء نجل
وغرس النخل والصدقات تجري     وراثة مصحف ورباط ثغر
وحفر البئر أو إجراء نهر     وبيت للغريب بناه يأوي
إليه أو بناه محل ذكر     وتعليم لقرآن كريم
فخذها من أحاديث بحصر

وسبقه إلى ذلك ابن العماد فعدها ثلاثة عشر وسرد أحاديثها ، والكل راجع إلى هذه الثلاث . انتهى .

وقال النووي في شرح مسلم في باب بيان أن الإسناد من الدين أن الصدقة تصل إلى [ ص: 70 ] الميت وينتفع بها بلا خلاف بين المسلمين وهذا هو الصواب ، وأما ما حكاه الماوردي من أن الميت لا يلحقه بعد موته ثواب فهو مذهب باطل وخطأ بين مخالف لنصوص الكتاب والسنة وإجماع الأئمة فلا التفات إليه ولا تعريج عليه . انتهى . وأيضا قال النووي في موضع آخر : وفي الحديث أن الدعاء يصل ثوابه إلى الميت وكذلك الصدقة وهما مجمع عليهما . انتهى .

قال الخطابي : فيه دليل على أن الصوم والصلاة وما دخل في معناهما من عمل الأبدان لا تجري فيه النيابة ، وقد يستدل به من يذهب إلى أن من حج عن ميت فالحج يكون في الحقيقة للحاج دون المحجوج عنه ، وإنما يلحقه الدعاء ويكون له الأجر في المال الذي أعطى إن كان حج عنه بمال . انتهى . وقال الحافظ ابن القيم : اختلف في العبادات البدنية كالصوم والصلاة وقراءة القرآن والذكر ، فمذهب أحمد وجمهور السلف وصولها ، وهو قول بعض أصحاب أبي حنيفة رحمه الله . والمشهور من مذهب الشافعي ومالك أن ذلك لا يصل انتهى مختصرا كذا في ضالة الناشد الكئيب .

قال المنذري : وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي . قال بعضهم : عمل الميت منقطع لموته ، لكن هذه الأشياء لما كان هو سببها من اكتسابه الولد وبثه العلم عند من حمله عنه أو إبداعه تأليفا بقي بعده ووقفه هذه الصدقة بقيت له أجورها ما بقيت ووجدت ، وفيه دليل على جواز الوقف ورد على من منعه من الكوفيين لأن الصدقة الجارية الباقية بعد الموت إنما تكون بالوقف انتهى كلام المنذري .

التالي السابق


الخدمات العلمية