صفحة جزء
باب ما جاء في كراهية الإسراف في الوضوء بالماء

57 حدثنا محمد بن بشار حدثنا أبو داود الطيالسي حدثنا خارجة بن مصعب عن يونس بن عبيد عن الحسن عن عتي بن ضمرة السعدي عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن للوضوء شيطانا يقال له الولهان فاتقوا وسواس الماء قال وفي الباب عن عبد الله بن عمرو وعبد الله بن مغفل قال أبو عيسى حديث أبي بن كعب حديث غريب وليس إسناده بالقوي عند أهل الحديث لأنا لا نعلم أحدا أسنده غير خارجة وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن الحسن قوله ولا يصح في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء وخارجة ليس بالقوي عند أصحابنا وضعفه ابن المبارك
قوله : ( نا أبو داود ) هو الطيالسي واسمه سليمان بن داود بن الجارود الفارسي - مولى الزبير - الطيالسي البصري ، أحد الأعلام الحفاظ ، روى عن ابن عوف وهشام بن أبي عبد الله وخلائق ، وعنه أحمد وابن المديني وابن بشار وخلق ، قال ابن مهدي : أبو داود أصدق الناس ، وقال أحمد : ثقة يحتمل خطؤه ، وقال وكيع : جبل العلم مات سنة 204 أربع ومائتين عن إحدى وسبعين كذا في الخلاصة .

وقال في التقريب : ثقة حافظ غلط في أحاديث .

( نا خارجة بن مصعب ) أبو الحجاج السرخسي ، متروك وكان يدلس عن الكذابين ، ويقال : إن ابن معين كذبه ، قاله الحافظ ( عن يونس بن عبيد ) العبدي مولاهم ، أبو عبد الله البصري ، أحد الأئمة ، وثقه أحمد وأبو حاتم ( عن الحسن ) هو البصري ( عن عتي ) بضم أوله مصغرا ثقة من الثالثة .

قوله : ( إن للوضوء شيطانا ) أي للوسوسة فيها ( يقال له الولهان ) بفتحتين مصدر وله يوله ولهانا وهو ذهاب العقل والتحير من شدة الوجد وغاية العشق سمي بها شيطان الوضوء إما لشدة حرصه على طلب الوسوسة في الوضوء وإما لإلقائه الناس بالوسوسة في مهواة الحيرة حتى يرى صاحبه حيران ذاهب العقل لا يدري كيف يلعب به الشيطان ولم يعلم هل وصل الماء إلى العضو أم لا وكم مرة غسله ، فهو بمعنى اسم الفاعل ، أو باق على مصدريته للمبالغة كرجل عدل ، قاله [ ص: 157 ] القاري ( فاتقوا وسواس الماء ) قال الطيبي أي وسواسه هل وصل الماء إلى أعضاء الوضوء أم لا وهل غسل مرتين أو مرة وهل هو طاهر أو نجس أو بلغ قلتين أو لا ، وقال ابن الملك وتبعه ابن حجر أي وسواس الولهان ، وضع الماء موضع ضميره مبالغة في كمال الوسواس في شأن الماء أو لشدة ملازمته له كذا في المرقاة . والحديث يدل على كراهية الإسراف في الماء للوضوء ، وقد أجمع العلماء على النهي عن الإسراف في الماء ولو على شاطئ النهر .

قوله : ( وفي الباب عن عبد الله بن عمرو وعبد الله بن مغفل ) أما حديث عبد الله بن عمرو فأخرجه النسائي وابن ماجه ، ولفظه : قال جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن الوضوء فأراه ثلاثا ثلاثا ثم قال : هكذا الوضوء فمن زاد على هذا فقد أساء وتعدى وظلم . وأما حديث عبد الله بن مغفل فأخرجه أبو داود وابن ماجه ولفظه : سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطهور والدعاء .

قوله : ( حديث أبي بن كعب حديث غريب ) وأخرجه ابن ماجه ( لأنا لا نعلم أحدا أسنده ) أي رواه مرفوعا ( وخارجة ليس بالقوي عند أصحابنا ) أي أهل الحديث ، قاله الطيبي كذا في المرقاة ، قلت : الأمر كما قال الطيبي وقد تقدم في المقدمة تحقيق ذلك ( وضعفه ابن المبارك ) قال الذهبي في الميزان : وهاه أحمد ، وقال ابن معين ليس بثقة ، وقال أيضا كذاب ، وقال البخاري تركه ابن المبارك ووكيع ، وقال الدارقطني وغيره ضعيف ، وقال ابن عدي هو ممن يكتب حديثه ، قال الذهبي انفرد بخبر : إن للوضوء شيطانا يقال له الولهان ، مات سنة 168 ثمان وستين ومائة ، وكان له جلالة بخراسان . انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية