صفحة جزء
باب ما جاء الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون والأضحى يوم تضحون

697 أخبرني محمد بن إسمعيل حدثنا إبراهيم بن المنذر حدثنا إسحق بن جعفر بن محمد حدثني عبد الله بن جعفر عن عثمان بن محمد الأخنسي عن سعيد المقبري عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون والأضحى يوم تضحون قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب وفسر بعض أهل العلم هذا الحديث فقال إنما معنى هذا أن الصوم والفطر مع الجماعة وعظم الناس
قوله : ( الصوم يوم تصومون إلخ ) هذا الحديث رواه أبو داود وابن ماجه أيضا ، إلا أنهما لم يذكرا الصوم يوم تفطرون وفي الباب عن عائشة -رضي الله عنها- بلفظ قالت : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : الفطر يوم يفطر الناس والأضحى يوم يضحي الناس ، أخرجه الترمذي وصححه وأخرجه الدارقطني أيضا وقال : وقفه عليها هي الصواب .

قوله : ( هذا حديث غريب حسن ) وسكت عنه أبو داود والمنذري ، وقال الشوكاني في النيل : رجال إسناده ثقات ، انتهى .

قوله : ( وفسر بعض أهل العلم هذا الحديث فقال : إنما معنى هذا الصوم والفطر مع الجماعة وعظم الناس ) بكسر العين وفتح الظاء أي كثرة الناس . وقال الخطابي في معنى الحديث : إن الخطأ مرفوع عن الناس فيما كان سبيله الاجتهاد ، فلو أن قوما اجتهدوا فلم يروا [ ص: 313 ] الهلال إلا بعد ثلاثين فلم يفطروا حتى استوفوا العدد ثم ثبت عندهم أن الشهر كان تسعا وعشرين فإن صومهم وفطرهم ماض لا شيء عليهم من وزر أو عيب ، وكذلك هذا في الحج إذا أخطئوا يوم عرفة فإنه ليس عليهم إعادته .

وقال المنذري في تلخيص السنن : وقيل فيه الإشارة إلى أن يوم الشك لا يصام احتياطا وإنما يصوم يوم يصوم الناس ، وقيل فيه الرد على من يقول : إن من عرف طلوع القمر بتقدير حساب المنازل جاز له أن يصوم به ويفطر دون من لم يعلم ، وقيل : إن الشاهد الواحد إذا رأى الهلال ولم يحكم القاضي بشهادته أن هذا لا يكون صوما له كما لم يكن للناس ، انتهى .

قال الشوكاني في النيل بعد كلام المنذري : وقد ذهب إلى الأخير محمد بن الحسن الشيباني قال : إنه يتعين على المنفرد برؤية هلال الشهر حكم الناس في الصوم والحج وإن خالف ما تيقنه ، وروي مثل ذلك عن عطاء والحسن ، والخلاف في ذلك للجمهور فقالوا : يتعين عليه حكم نفسه فيما تيقنه وفسروا الحديث بمثل ما ذكر الخطابي . وقيل في معنى الحديث : إنه إخبار بأن الناس يتحزبون أحزابا ويخالفون الهدي النبوي ، فطائفة تعمل بالحساب وعليه أمة من الناس ، وطائفة يقدمون الصوم والوقوف بعرفة وجعلوا ذلك شعارا وهم الباطنية ، وبقي على الهدي النبوي الفرقة التي لا تزال ظاهرة على الحق فهي المرادة بلفظ الناس في الحديث وهي السواد الأعظم ولو كانت قليلة العدد ، كذا في النيل .

التالي السابق


الخدمات العلمية