صفحة جزء
844 حدثنا قتيبة حدثنا داود بن عبد الرحمن العطار عن عمرو بن دينار قال سمعت أبا الشعثاء يحدث عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو محرم قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وأبو الشعثاء اسمه جابر بن زيد واختلفوا في تزويج النبي صلى الله عليه وسلم ميمونة لأن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها في طريق مكة فقال بعضهم تزوجها حلالا وظهر أمر تزويجها وهو محرم ثم بنى بها وهو حلال بسرف في طريق مكة وماتت ميمونة بسرف حيث بنى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفنت بسرف
قوله : ( هذا حديث صحيح ) وأخرجه مسلم ( واختلفوا في تزويج النبي -صلى الله عليه وسلم- ميمونة إلخ ) [ ص: 494 ] قال النووي في شرح مسلم : ذكر مسلم الاختلاف أن النبي -صلى الله عليه وسلم- تزوج ميمونة وهو محرم أو وهو حلال ، فاختلف العلماء بسبب ذلك في نكاح المحرم ، فقال مالك والشافعي وأحمد وجمهور العلماء من الصحابة فمن بعدهم : لا يصح نكاح المحرم واعتمدوا أحاديث الباب ، وقال أبو حنيفة والكوفيون يصح نكاحه لحديث قصة ميمونة .

وأجاب الجمهور عن حديث ميمونة بأجوبة أصحها أن النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما تزوجها حلالا ، هكذا رواه أكثر الصحابة . قال القاضي وغيره : ولم يرو أنه تزوجها محرما إلا ابن عباس وحده ، وروت ميمونة وأبو رافع وغيرهما أنه تزوجها حلالا وهم أعرف بالقضية لتعلقهم به بخلاف ابن عباس ولأنهم أضبط من ابن عباس وأكثر .

الجواب الثاني : تأويل حديث ابن عباس على أنه تزوجها في الحرم وهو حلال ، ويقال لمن هو في الحرم محرم وإن كان حلالا وهي لغة شائعة معروفة ومنه البيت المشهور :

قتلوا ابن عفان الخليفة محرما



أي في حرم المدينة .

والثالث : أنه تعارض القول والفعل ، والصحيح حينئذ عند الأصوليين ترجيح القول ؛ لأنه يتعدى إلى الغير ، والفعل قد يكون مقصورا عليه .

والرابع : جواب جماعة من أصحابنا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان له أن يتزوج في حال الإحرام وهو مما خص به دون الأمة وهذا أصح الوجهين عند أصحابنا ، والوجه الثاني أنه حرام في حقه كغيره وليس من الخصائص ، انتهى كلام النووي .

التالي السابق


الخدمات العلمية