صفحة جزء
باب ما جاء بأي جانب الرأس يبدأ في الحلق

912 حدثنا أبو عمار الحسين بن حريث حدثنا سفيان بن عيينة عن هشام بن حسان عن ابن سيرين عن أنس بن مالك قال لما رمى النبي صلى الله عليه وسلم الجمرة نحر نسكه ثم ناول الحالق شقه الأيمن فحلقه فأعطاه أبا طلحة ثم ناوله شقه الأيسر فحلقه فقال اقسمه بين الناس حدثنا ابن أبي عمر حدثنا سفيان عن هشام نحوه قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح
قوله : ( نحر نسكه ) جمع نسيكة بمعنى ذبيحة . قال في النهاية : نسك ينسك نسكا إذا ذبح ، والنسيكة الذبيحة ( ثم ناول الحالق شقه الأيمن ) فيه استحباب البداءة في حلق الرأس بالشق الأيمن من رأس المحلوق وهو مذهب الجمهور . وقال أبو حنيفة : يبدأ بجانبه الأيسر لأنه على يمين الحالق والحديث يرد عليه . والظاهر أن هذا الخلاف يأتي في قص الشارب قاله الشوكاني ( فأعطاه ) أي الشعر المحلوق ( فقال اقسمه بين الناس ) فيه مشروعية التبرك بشعر أهل الفضل ونحوه وفيه دليل على طهارة شعر الآدمي وبه قال الجمهور .

[ ص: 564 ] قوله : ( هذا حديث حسن ) وأخرجه البخاري ومسلم .

تنبيه :

ذكر صاحب العرف الشذي هاهنا قصة الإمام أبي حنيفة والحجام المشهورة فقال : إن أبا حنيفة لما ذهب حاجا ففرغ عن حجته وأراد الحلق فاستدبر القبلة ، قال الحالق : استقبلها ، ثم بدأ أبو حنيفة باليسار ، قال الحالق ابدأ باليمين ، ثم بعد الحلق أخذ أبو حنيفة أن يقوم وما دفن الأشعار ، قال الحالق : ادفنها ، فقال أبو حنيفة : أخذت ثلاثة مسائل من الحالق ، ثم قال هذه الحكاية ثبوتها لا يعلم ، انتهى كلامه بلفظه .

قلت : قال الحافظ ابن حجر في التلخيص : وهي قصة مشهورة أخرجها ابن الجوزي في مثير العزم الساكن بإسناده إلى وكيع عنه ، انتهى .

وقال الرافعي : وإذا حلق فالمستحب أن يبدأ بالشق الأيمن ثم الأيسر ، وأن يكون مستقبل القبلة ، وأن يكبر بعد الفراغ ، وأن يدفن شعره ، انتهى كلام الرافعي .

قال الحافظ في التلخيص : أما البداءة ففي الصحيحين عن أنس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أتى جمرة العقبة فرماها ثم أتى منزله بمنى ونحر ثم قال للحلاق : " خذ " وأشار إلى جانبه الأيمن فلما فرغ منه قسم شعره بين من يليه ثم أشار إلى الحلاق فحلق الأيسر الحديث . وأما استقبال القبلة فلم أره في هذا المقام صريحا وقد استأنس له بعضهم بعموم حديث ابن عباس مرفوعا : " خير المجالس ما استقبلت به القبلة " . أخرجه أبو داود وهو ضعيف . وأما التكبير بعد الفراغ فلم أره أيضا . وأما دفن الشعر فقد سبق في الجنائز ولعل الرافعي أخذه من قصة أبي حنيفة عن الحجام ، ففيها أنه أمره أن يتوجه قبل القبلة ، وأمره أن يكبر وأمره أن يدفن وهي مشهورة إلى آخر ما نقلنا آنفا .

التالي السابق


الخدمات العلمية