صفحة جزء
باب ما جاء أن تحت كل شعرة جنابة

106 حدثنا نصر بن علي حدثنا الحارث بن وجيه قال حدثنا مالك بن دينار عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال تحت كل شعرة جنابة فاغسلوا الشعر وأنقوا البشر وفي الباب عن علي وأنس قال أبو عيسى حديث الحارث بن وجيه حديث غريب لا نعرفه إلا من حديثه وهو شيخ ليس بذاك وقد روى عنه غير واحد من الأئمة وقد تفرد بهذا الحديث عن مالك بن دينار ويقال الحارث بن وجيه ويقال ابن وجبة
قوله : ( نا الحارث بن وجيه ) بالواو والجيم والياء التحتانية والهاء بوزن فعيل ، وقيل بفتح الواو وسكون الجيم بعدها موحدة الراسبي أبو محمد البصري ضعيف كذا في التقريب .

( نا مالك بن دينار ) البصري الزاهد أبو يحيى صدوق عابد وثقه النسائي مات سنة 130 ثلاثين ومائة .

( عن محمد بن سيرين ) الأنصاري البصري ثقة ثبت عابد كبير القدر كان لا يرى الرواية بالمعنى ، من الثالثة مات 110 سنة عشر ومائة ، روى عن مولاه أنس وزيد بن ثابت وأبي هريرة وطائفة من كبار التابعين ، وعنه الشعبي وثابت وقتادة ومالك بن دينار وخلق كثير ، قال ابن سعد : كان ثقة مأمونا عاليا رفيعا فقيها إماما كثير العلم ، وقال أبو عوانة : رأيت ابن سيرين في السوق فما رآه أحد إلا ذكر الله ، وروي أنه اشترى بيتا فأشرفت فيه على ثمانين ألف دينار فعرض في قلبه شيء فتركه .

قوله : ( تحت كل شعرة جنابة ) فلو بقيت شعرة واحدة لم يصل إليها الماء بقيت جنابة ، والشعر بفتح الشين وسكون العين للإنسان وغيره ، فيجمع على شعور مثل فلس وفلوس وبفتح العين فيجمع على أشعار مثل سبب وأسباب وهو مذكر الواحدة شعرة والشعرة بكسر الشين على وزن سدرة شعر الركب للنساء خاصة ، قاله في العباب .

( فاغسلوا الشعر ) بفتح العين وسكونها أي جميعه قال الخطابي ظاهر هذا الحديث يوجب نقض القرون والضفائر إذا أراد الاغتسال من الجنابة لأنه لا يكون شعره مغسولا إلا أن ينقضها وإليه ذهب إبراهيم النخعي وقال عامة أهل العلم إيصال الماء إلى أصول الشعر وإن لم ينقض شعره يجزيه والحديث ضعيف . انتهى .

( وانقوا البشر ) من [ ص: 303 ] الإنقاء أي نظفوا البشر من الأوساخ لأنه لو منع شيء من ذلك وصول الماء لم يرتفع الجنابة ، والبشر بفتح الباء والشين قال الجوهري في الصحاح : البشر ظاهر جلد الإنسان .

قوله : ( وفي الباب عن علي وأنس ) أما حديث علي فأخرجه أحمد وأبو داود عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من ترك موضع شعرة من جنابة لم يصبها الماء فعل الله به كذا وكذا من النار قال علي فمن ثم عاديت شعري ، زاد أبو داود : وكان يجز شعره رضي الله عنه ، كذا في المنتقى ، وقال الحافظ في التلخيص : إسناده صحيح فإنه من رواية عطاء بن السائب وقد سمع منه حماد بن سلمة قبل الاختلاط أخرجه أبو داود وابن ماجه من حديث حماد لكن قيل : إن الصواب وقفه على علي . انتهى ، وأما حديث أنس فأخرجه أبو يعلى والطبراني في الصغير وفيه : ويا أنس بالغ في الاغتسال في الجنابة فإنك تخرج من مغتسلك وليس عليك ذنب ولا خطيئة قال : قلت كيف المبالغة يا رسول الله؟ قال : تبل أصول الشعر وتنقي البشرة الحديث ، وفيه محمد بن الحسن بن أبي يزيد وهو ضعيف ، قال الهيثمي : وفي الباب أيضا عن أبي أيوب أخرجه ابن ماجه في حديث فيه أداء الأمانة وغسل الجنابة فإن تحت كل شعرة جنابة وإسناده ضعيف كذا في التلخيص .

قوله : ( حديث الحارث بن وجيه حديث غريب إلخ ) وأخرجه أبو داود وابن ماجه والبيهقي ، قال الحافظ في التلخيص : مداره على الحارث بن وجيه وهو ضعيف جدا ، قال أبو داود : الحارث حديثه منكر وهو ضعيف ، وقال الشافعي : الحديث ليس بثابت ، وقال البيهقي : أنكره أهل العلم بالحديث البخاري وأبو داود وغيرهما . انتهى كلام الحافظ .

( وهو شيخ ليس بذلك ) وفي بعض النسخ ليس بذاك أي بذاك المقام الذي يوثق به أي روايته ليست بقوية كذا في الطيبي ، وظاهره يقتضي أن قوله وهو شيخ للجرح وهو مخالف لما عليه عامة أصحاب الجرح والتعديل من أن قولهم شيخ من ألفاظ مراتب التعديل ، فعلى هذا يجيء إشكال آخر في قول الترمذي لأن قولهم ليس بذاك من ألفاظ الجرح اتفاقا فالجمع بينهما في شخص واحد جمع بين المتنافيين فالصواب أن يحمل قوله وهو شيخ على الجرح بقرينة مقارنته بقوله ليس بذاك وإن كان من ألفاظ التعديل ولإشعاره بالجرح [ ص: 304 ] لأنهم وإن عدوه في ألفاظ التعديل صرحوا أيضا بإشعاره بالقرب من التجريح ، أو نقول : لا بد في كون الشخص ثقة من شيئين العدالة والضبط كما بين في موضعه ، فإذا وجد في الشخص العدالة دون الضبط يجوز أن يعدل باعتبار الصفة الأولى ويجوز أن يجرح باعتبار الصفة الثانية فإذا كان كذلك لا يكون الجمع بينهما جمعا بين المتنافيين كذا في السيد جمال الدين رحمه الله كذا في المرقاة .

التالي السابق


الخدمات العلمية