صفحة جزء
باب ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه

1078 حدثنا محمود بن غيلان حدثنا أبو أسامة عن زكريا بن أبي زائدة عن سعد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه
قوله : ( نفس المؤمن معلقة ) قال السيوطي أي : محبوسة عن مقامها الكريم ، وقال العراقي أي : أمرها موقوف لا حكم لها بنجاة ، ولا هلاك حتى ينظر هل يقضى ما عليها من الدين أم لا . انتهى ، وسواء ترك الميت وفاء أم لا كما صرح به جمهور أصحابنا ، وشذ الماوردي فقال : إن الحديث محمول على من يخلف وفاء ، كذا في قوت المغتذي ، وقال الشوكاني في النيل : فيه الحث للورثة على قضاء دين الميت ، والإخبار لهم بأن نفسه معلقة بدينه حتى يقضى عنه ، وهذا مقيد بمن له مال يقضى منه دينه ، وأما من لا مال له ، ومات عازما على القضاء ، فقد ورد في الأحاديث ما يدل على أن الله تعالى يقضي عنه ، بل ثبت أن مجرد محبة المديون عند موته للقضاء موجبة لتولي الله سبحانه لقضاء دينه ، وإن كان له مال ولم يقض منه الورثة . أخرج الطبراني عن أبي أمامة مرفوعا : من ادان بدين في نفسه وفاؤه ، ومات تجاوز الله عنه وأرضى غريمه بما شاء ، ومن ادان بدين ، وليس في نفسه وفاؤه ، ومات ، اقتص الله لغريمه منه يوم القيامة وأخرج أيضا من حديث ابن عمر : الدين دينان . فمن مات [ ص: 165 ] ، وهو ينوي قضاءه فأنا وليه ، ومن مات ، ولا ينوي قضاءه فذلك الذي يؤخذ من حسناته ، ليس يومئذ دينار ، ولا درهم وأخرج أحمد وأبو نعيم في الحلية ، والبزار والطبراني بلفظ : يدعى بصاحب الدين يوم القيامة حتى يوقف بين يدي الله عز وجل فيقول : يا ابن آدم فيم أخذت هذا الدين ؟ وفيم ضيعت حقوق الناس ؟ فيقول : يا رب إنك تعلم أني أخذته فلم آكل ولم أشرب ولم أضيع ، ولكن أتى على يدي إما حرق ، وإما سرق وإما وضيعة . فيقول الله : صدق عبدي ، وأنا أحق من قضى عنك . فيدعو الله بشيء فيضعه في كفة ميزانه ، فترجح حسناته على سيئاته فيدخل الجنة بفضل رحمته هكذا ذكر الشوكاني هذه الأحاديث بغير الإسناد ولم يتكلم عليها بشيء من الصحة والضعف ، ثم ذكر حديث أبي هريرة مرفوعا : من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه ، ومن أخذ يريد إتلافها أتلفه الله أخرجه البخاري ، ثم ذكر حديث ميمونة : ما من مسلم يدان دينا ، يعلم الله أنه يريد أداءه إلا أدى الله عنه في الدنيا والآخرة قال أخرج الحاكم بلفظ من تداين بدين في نفسه وفاؤه ، ثم مات تجاوز الله عنه وأرضى غريمه بما شاء ، ثم قال : وقد ورد أيضا ما يدل على أن من مات من المسلمين مديونا فدينه على من إليه ولاية أمور المسلمين يقضيه عنه من بيت مالهم ، وإن كان له مال كان لورثته . أخرج البخاري من حديث أبي هريرة : ما من مؤمن إلا وأنا أولى به في الدنيا والآخرة ، اقرءوا إن شئتم النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم فأيما مؤمن مات وترك مالا فليرثه عصبته من كانوا ، ومن ترك دينا ، أو ضياعا فليأتني فأنا مولاه وأخرج أحمد ، ومسلم ، والنسائي ، وابن ماجه في حديث آخر من ترك مالا فلأهله ، ومن ترك دينا ، أو ضياعا فإلي وعلي ، وأنا أولى بالمؤمنين قال الشوكاني : وفي معنى ذلك عدة أحاديث ثبتت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قالها بعد أن كان يمتنع من الصلاة على المديون ، فلما فتح الله عليه البلاد وكثرت الأموال صلى على من مات مديونا وقضى عنه وذلك مشعر من مات مديونا استحق أن يقضى عنه دينه من بيت مال المسلمين ، وهو أحد المصارف الثمانية فلا يسقط حقه بالموت ، ودعوى من ادعى اختصاصه صلى الله عليه وسلم بذلك ساقطة ، وقياس الدلالة ينفي هذه الدعوى في مثل قوله صلى الله عليه وسلم : وأنا وارث من لا وارث له ، أعقل عنه وأرثه أخرجه أحمد ، وابن ماجه وسعيد بن منصور ، والبيهقي ، وهم لا يقولون إن ميراث من لا وارث له مختص برسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد أخرج الطبراني من حديث سلمان ما يدل على انتفاء هذه الخصوصية المدعاة ، ولفظه من ترك مالا فلورثته ، ومن ترك دينا فعلي ، وعلى الولاة من بعدي من بيت المال

التالي السابق


الخدمات العلمية