صفحة جزء
باب ما جاء في النظر إلى المخطوبة

1087 حدثنا أحمد بن منيع حدثنا ابن أبي زائدة قال حدثني عاصم بن سليمان هو الأحول عن بكر بن عبد الله المزني عن المغيرة بن شعبة أنه خطب امرأة فقال النبي صلى الله عليه وسلم انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما وفي الباب عن محمد بن مسلمة وجابر وأبي حميد وأنس وأبي هريرة قال أبو عيسى هذا حديث حسن وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا الحديث وقالوا لا بأس أن ينظر إليها ما لم ير منها محرما وهو قول أحمد وإسحق ومعنى قوله أحرى أن يؤدم بينكما قال أحرى أن تدوم المودة بينكما
قوله : ( فإنه ) أي : النظر إليها ( أحرى ) أي : أجدر وأولى وأنسب ( أن يؤدم بينكما ) أي بأن يؤلف ويوفق بينكما ، قال ابن الملك : يقال أدم الله بينكما يأدم أي : أدما بالسكون أصلح وألف ، وكذا آدم في الفائق الأدم والإيدام الإصلاح والتوفيق من أدم الطعام ، وهو إصلاحه بالإدام ، وجعله موافقا للطاعم ، والتقدير يؤدم به . فالجار والمجرور أقيم مقام الفاعل ، ثم حذف ، أو نزل المتعدي منزلة اللازم ، أي : يوقع الأدم بينكما يعني : يكون بينكما الألفة والمحبة ؛ لأن تزوجها إذا كان بعد معرفة فلا يكون بعدها غالبا ندامة ، وقيل بينكما نائب الفاعل كقوله تعالى تقطع بينكم بالرفع ، كذا في المرقاة . قوله : ( وفي الباب عن محمد بن مسلمة ) قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا ألقى الله عز وجل في قلب امرئ خطبة امرأة فلا بأس أن ينظر إليها أخرجه أحمد ، وابن ماجه ، وأخرجه أيضا ابن حبان والحاكم وصححاه وسكت عنه الحافظ في التلخيص ( وجابر ) قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول إذا خطب أحدكم المرأة فقدر أن يرى منها بعض ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل أخرجه أحمد ، وأبو داود ( وأنس ) . أخرجه ابن حبان والدارقطني والحاكم وأبو عوانة وصححوه ، وهو مثل حديث المغيرة ( وأبي حميد ) أخرجه أحمد مرفوعا إذا خطب أحدكم امرأة فلا جناح عليه أن ينظر منها ، إذا كان إنما ينظر إليها لخطبة ، وإن كانت لا تعلم، وأخرجه أيضا الطبراني ، والبزار ، وأورده الحافظ في التلخيص وسكت عنه ، وقال في مجمع الزوائد : رجال أحمد رجال الصحيح ( وأبي هريرة ) قال كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه رجل فأخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار فقال رسول الله [ ص: 176 ] صلى الله عليه وسلم : أنظرت إليها ؟ قال لا ، قال فاذهب فانظر إليها ، فإن في أعين الأنصار شيئا أخرجه مسلم ، وأحمد ، والنسائي قوله : ( هذا حديث حسن ) أخرجه أحمد ، والنسائي ، وابن ماجه والدارمي ، وابن حبان ، وصححه .

قوله : ( وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا الحديث وقالوا لا بأس أن ينظر إليها إلخ ) قال النووي في شرح مسلم تحت حديث أبي هريرة : فيه استحباب النظر إلى من يريد تزوجها ، وهو مذهبنا ومذهب مالك وأبي حنيفة وسائر الكوفيين ، وأحمد وجماهير العلماء ، وحكى القاضي عن قوم كراهته ، وهذا مخالف لصريح هذا الحديث ومخالف لإجماع الأمة على جواز النظر للحاجة عند البيع والشراء والشهادة ، ثم إنه إنما يباح له النظر إلى وجهها وكفيها فقط ؛ لأنهما ليسا بعورة ، و لأنه يستدل بالوجه على الجمال ، وبالكفين على خصوبة البدن ، أو عدمها . هذا مذهبنا ومذهب الأكثرين ، وقال الأوزاعي : ينظر إلى مواضع اللحم ، وقال داود : ينظر إلى جميع بدنها ، وهذا خطأ ظاهر منابذ لأصول السنة والإجماع ، ثم مذهبنا ومذهب مالك ، وأحمد والجمهور أنه لا يشترط في جواز النظر رضاها ، بل له ذلك في غفلتها ، ومن غير تقدم إعلام .

لكن قال مالك : أكره نظره في غفلتها مخافة من وقوع نظره على عورة ، وعن مالك رواية ضعيفة : أنه لا ينظر إليها إلا بإذنها ، وهذا ضعيف ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أذن في ذلك مطلقا ولم يشترط استئذانها ، و لأنها تستحي غالبا من الإذن . انتهى كلام النووي .

قوله : ( قال أحرى أن تدوم المحبة بينكما ) قال في النهاية : أحرى أن يؤدم بينكما المحبة والاتفاق يقال : أدم الله بينكما يأدم أدما بالسكون أي : ألف ووفق ، وكذلك آدم يؤدم بالمد . انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية