صفحة جزء
كتاب الرضاع باب ما جاء يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب

1146 حدثنا أحمد بن منيع حدثنا إسمعيل بن إبراهيم حدثنا علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن علي بن أبي طالب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله حرم من الرضاع ما حرم من النسب قال وفي الباب عن عائشة وابن عباس وأم حبيبة قال أبو عيسى حديث علي حسن صحيح
[ ص: 254 ] بفتح الراء ، وكسرها لغة ، وهو قول القاضي عياض : والرضاع والرضاعة بفتح الراء وكسرها فيهما ، وأنكر الأصمعي الكسر في الرضاعة ، وهو مص الرضيع من ثدي الآدمية في وقت مخصوص ، وهو يفيد التحريم قليلا كان ، أو كثيرا إذا حصل في مدة الرضاع عند جمهور العلماء ، وقال الشافعي : لا يثبت التحريم إلا بخمس رضعات ، ومدة الرضاعة ثلاثون شهرا عند أبي حنيفة ، وقال أبو يوسف ومحمد سنتان ، وبه قال الشافعي ، وأحمد ، وغيرهما .

يحرم : صيغة المجهول من التحريم .

قوله : ( إن الله حرم من الرضاع ما حرم من النسب ) قال القرطبي : في الحديث دلالة على أن الرضاع ينشر الحرمة بين الرضيع والمرضعة وزوجها ، يعني : الذي وقع الإرضاع بين ولده منها ، أو السيد فتحرم على الصبي ؛ لأنها تصير أمه ، وأمها ؛ لأنها جدته فصاعدا ، وأختها ؛ لأنها خالته ، وبنتها ؛ لأنها أخته ، وبنت بنتها فنازلا ؛ لأنها بنت أخته ، وبنت صاحب اللبن ؛ لأنها أخته ، وبنت بنته فنازلا ؛ لأنها بنت أخته ، وأمه فصاعدا ؛ لأنها جدته ، وأخته ؛ لأنها عمته ، ولا يتعدى التحريم إلى أحد من قرابة الرضيع . فليست أخته من الرضاعة أختا لأخيه ، ولا بنتا لأبيه إذ لا رضاع بينهم ، والحكمة في ذلك أن سبب التحريم ما ينفصل من أجزاء المرأة وزوجها ، وهو اللبن ، فإذا اغتذى به الرضيع صار جزءا من أجزائهما ، فانتشر التحريم بينهم بخلاف قرابات الرضيع ؛ لأنه ليس بينهم وبين المرضعة ، ولا زوجها نسب ، ولا سبب . انتهى ، قال العلماء يستثنى من عموم قوله يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب أربع نسوة يحرمن في النسب مطلقا ، وفي الرضاع قد لا يحرمن : الأولى - أم الأخ في النسب حرام ؛ لأنها إما أم وإما زوج أب ، [ ص: 255 ] ، وفي الرضاع قد تكون أجنبية فترضع الأخ فلا تحرم على أخيه . الثانية - أم الحفيد حرام في النسب ؛ لأنها إما بنت ، أو زوج ابن ، وفي الرضاع قد تكون أجنبية فترضع الحفيد فلا تحرم على جده . الثالثة - جدة الولد في النسب حرام ؛ لأنها إما أم ، أو أم زوجة ، وفي الرضاع قد تكون أجنبية أرضعت الولد فيجوز لوالده أن يتزوجها . الرابعة - أخت الولد حرام في النسب ؛ لأنها بنت ، أو ربيبة ، وفي الرضاع قد تكون أجنبية فترضع الولد فلا تحرم على الولد ، وهذه الصور الأربع اقتصر عليها جماعة ولم يستثن الجمهور شيئا من ذلك .

، وفي التحقيق لا يستثنى شيء من ذلك ؛ لأنهن لم يحرمن من جهة النسب ، وإنما حرمن من جهة المصاهرة ، واستدرك بعض المتأخرين أم العم وأم العمة ، وأم الخال وأم الخالة ، فإنهن يحرمن في النسب لا في الرضاع ، وليس ذلك على عمومه ، كذا في فتح الباري ، وقال النووي أجمعت الأمة على ثبوت حرمة الرضاع بين الرضيع والمرضعة ، وأنه يصير ابنها يحرم عليه نكاحها أبدا ، ويحل النظر إليها والخلوة بها والمسافرة ، ولا يترتب عليه أحكام الأمومة من كل وجه ، فلا يتوارثان ، ولا يجب على واحد منهما نفقة الآخر ، ولا يعتق عليه بالعتق ، ولا ترد شهادته لها ، ولا يعقل عنها ، ولا يسقط عنها القصاص بقتله . فهما كالأجنبيين في هذه الأحكام . انتهى .

قوله : ( وفي الباب عن عائشة ) أخرجه البخاري بلفظ : يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة ، وأخرجه الترمذي ، وغيره . ( وابن عباس ) أخرجه البخاري ، ومسلم بلفظ : يحرم من الرضاعة من يحرم من الرحم ، وفي لفظ من النسب ( وأم حبيبة ) لينظر من أخرج حديثها . قوله : ( هذا حديث صحيح ) وأخرجه أحمد .

التالي السابق


الخدمات العلمية