صفحة جزء
باب ما جاء في كراهية الدخول على المغيبات

1171 حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إياكم والدخول على النساء فقال رجل من الأنصار يا رسول الله أفرأيت الحمو قال الحمو الموت قال وفي الباب عن عمر وجابر وعمرو بن العاص قال أبو عيسى حديث عقبة بن عامر حديث حسن صحيح وإنما معنى كراهية الدخول على النساء على نحو ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان ومعنى قوله الحمو يقال هو أخو الزوج كأنه كره له أن يخلو بها
جمع المغيبة بضم الميم ، ثم غين معجمة مكسورة ، ثم تحتانية ساكنة ، ثم موحدة من غاب عنها زوجها يقال أغابت المرأة زوجها إذا غاب زوجها .

قوله : ( إياكم والدخول ) بالنصب على التحذير ، وهو تنبيه لهم للمخاطب على محذور ليحترز عنه كما قيل إياك والأسد ، وقوله إياكم مفعول بفعل مضمر [ ص: 281 ] تقديره : اتقوا ، وتقدير الكلام . اتقوا أنفسكم أن تدخلوا على النساء ، والنساء أن يدخلن عليكم ، وفي رواية عند مسلم لا تدخلوا على النساء وتضمن منع الدخول منع الخلوة بها بالطريق الأولى ( أفرأيت الحمو ) بفتح الحاء المهملة وسكون الميم وبالواو ، قال في القاموس حمو المرأة وحموها وحمها وحمؤها أبو زوجها ومن كان من قبله ، والأنثى حماة وحمو الرجل أبو امرأته ، أو أخوها ، أو عمها ، أو الأحماء من قبلها خاصة . انتهى ، قال النووي : المراد في الحديث أقارب الزوج غير آبائه وأبنائه ؛ لأنهم محارم الزوجة يجوز لهم الخلوة بها ، ولا يوصفون بالموت ، قال : وإنما المراد الأخ ، وابن الأخ والعم ، وابن العم ، وابن الأخت ونحوهم . مما يحل له تزويجه لو لم تكن متزوجة ، وجرت العادة بالتساهل فيه فيخلو الأخ بامرأة أخيه فشبه بالموت ، وهو أولى بالمنع من الأجنبي . انتهى . قلت : ما قال النووي هو الظاهر وبه جزم الترمذي ، وغيره وزاد ابن وهب في روايته عند مسلم : سمعت الليث يقول الحمو : أخو الزوج ، وما أشبه من أقارب الزوج وابن العم ونحوه . ( قال الحمو الموت ) قال القرطبي في المفهم : المعنى أن دخول قريب الزوج على امرأة الزوج يشبه الموت في الاستقباح والمفسدة أي : فهو محرم معلوم التحريم ، وإنما بالغ في الزجر عنه وشبهه بالموت لتسامح الناس به من جهة الزوج والزوجة لإلفهم بذلك حتى كأنه ليس بأجنبي من المرأة . فخرج هذا مخرج قول العرب الأسد الموت ، والحرب الموت ، أي : لقاؤه يفضي إلى الموت ، وكذلك دخوله على المرأة قد يفضي إلى موت الدين أو الى موتها بطلاقها عند غيرة الزوج أو الى الرجم إن وقعت الفاحشة . قوله : ( وفي الباب عن عمر ) أخرجه الترمذي بلفظ لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان ، كذا في المشكاة ( وجابر ) أخرجه الترمذي في هذا الباب ، وأخرج مسلم عن جابر مرفوعا بلفظ ألا لا يبيتن رجل عند امرأة ثيب إلا أن يكون ناكحا ، أو ذا محرم ( وعمرو بن العاص ) أخرجه مسلم ، وفي الباب عن ابن عباس أخرجه الشيخان بلفظ لا يدخل رجل على امرأة ، ولا يسافر معها إلا ومعها ذو محرم قوله : ( حديث عقبة بن عامر حديث حسن صحيح ) وأخرجه الشيخان . قوله : ( على نحو ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا يخلون رجل بامرأة ) هذا الحديث الذي أشار إليه الترمذي أخرجه أحمد من حديث عامر بن ربيعة قاله الحافظ في الفتح : ( إلا كان ثالثهما الشيطان ) برفع الأول ونصب [ ص: 282 ] الثاني ويجوز العكس والاستثناء مفرغ ، والمعنى يكون الشيطان معهما يهيج شهوة كل منهما حتى يلقيهما في الزنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية