صفحة جزء
باب ما جاء في كراهية بيع الطعام حتى يستوفيه

1291 حدثنا قتيبة حدثنا حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه قال ابن عباس وأحسب كل شيء مثله قال وفي الباب عن جابر وابن عمر وأبي هريرة قال أبو عيسى حديث ابن عباس حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم كرهوا بيع الطعام حتى يقبضه المشتري وقد رخص بعض أهل العلم فيمن ابتاع شيئا مما لا يكال ولا يوزن مما لا يؤكل ولا يشرب أن يبيعه قبل أن يستوفيه وإنما التشديد عند أهل العلم في الطعام وهو قول أحمد وإسحق
[ ص: 427 ] أي : يقبضه .

قوله : ( من ابتاع ) أي : اشترى ( حتى يستوفيه ) أي : يقبضه وافيا ( قال ابن عباس : وأحسب كل شيء مثله ) أي : مثل الطعام استعمل ابن عباس القياس ولعله لم يبلغه النص المقتضي لكون سائر الأشياء كالطعام . كحديث زيد بن ثابت . أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم . أخرجه أبو داود والدارقطني ، وكحديث حكيم بن حزام : قلت : يا رسول الله إني أشتري بيوعا فما يحل لي منها ، وما يحرم علي ؟ قال : " إذا اشتريت شيئا فلا تبعه حتى تقبضه " . . رواه أحمد ، قال محمد في الموطإ بقول ابن عباس نأخذ الأشياء كلها مثل الطعام ، لا ينبغي أن يبيع المشتري شيئا اشتراه حتى يقبضه ، وكذلك قول أبي حنيفة رحمه الله إلا أنه رخص في الدور والعقار والأرضين التي لا تحول أن تباع قبل أن تقبض . أما نحن فلا نجيز شيئا من ذلك حتى يقبض . انتهى كلام الإمام محمد . قلت : ما ذهب إليه الإمام محمد هو الظاهر لإطلاق حديث زيد بن ثابت وحديث حكيم بن حزام المذكورين .

قوله : ( وفي الباب عن جابر ) أخرجه أحمد ، ومسلم ( وابن عمر ) قال : كانوا يتبايعون الطعام جزافا بأعلى السوق ، فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيعوه حتى ينقلوه . أخرجه الجماعة إلا الترمذي وابن ماجه . قوله ( حديث ابن عباس حسن صحيح ) أخرجه الجماعة . قوله : ( وقد رخص بعض أهل العلم في من ابتاع شيئا مما لا يكال ، ولا يوزن ) أي : في من اشترى شيئا غير مكيل ، ولا موزون ( مما لا يؤكل ، ولا يشرب ) لما لا يكال ، ولا يوزن ( أن يبيعه قبل أن يستوفيه ) وهو قول أبي حنيفة رحمه الله في الدور والعقار والأرضين كما تقدم ( وإنما التشديد عند أهل العلم في الطعام ، وهو قول أحمد وإسحاق ) قاله العيني في البناية : [ ص: 428 ] اختلفوا في هذه المسألة فقال مالك : يجوز جميع التصرفات في غير الطعام قبل القبض لورود التخصيص في الأحاديث بالطعام ، وقال أحمد : إن كان المبيع مكيلا ، أو موزونا ، أو معدودا لم يجز بيعه قبل القبض ، وفي غيره يجوز ، وقال زفر ومحمد والشافعي : لا يجوز بيع شيء قبل القبض طعاما كان ، أو غيره لإطلاق الأحاديث ، وذهب أبو حنيفة وأبو يوسف إلى جواز بيع غير المنقول قبل القبض ؛ لأن النهي معلول بضرر انفساخ العقد لخوف الهلاك ، وهو في العقار وغيره نادر ، وفي المنقولات غير نادر . انتهى كلام العيني . قلت : قد عرفت فيما تقدم أن الظاهر قول زفر ومحمد ، والشافعي ومن تبعهم ، والله تعالى أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية