صفحة جزء
باب ما جاء في بيع جلود الميتة والأصنام

1297 حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح وهو بمكة يقول إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام فقيل يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة فإنه يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس قال لا هو حرام ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك قاتل الله اليهود إن الله حرم عليهم الشحوم فأجملوه ثم باعوه فأكلوا ثمنه قال وفي الباب عن عمر وابن عباس قال أبو عيسى حديث جابر حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند أهل العلم
[ ص: 434 ] قوله : ( عام الفتح ، وهو بمكة ) فيه بيان تاريخ ذلك ، وكان ذلك في رمضان سنة ثمان من الهجرة ، ويحتمل أن يكون التحريم وقع قبل ذلك ، ثم أعاده صلى الله عليه وسلم ليسمعه من لم يكن سمعه ( إن الله ورسوله حرم ) هكذا وقع في هذا الكتاب ، وفي الصحيحين ، وغيرهما بإسناد الفعل إلى الضمير الواحد ، وكان الأصل حرما ، قال الحافظ في الفتح : والتحقيق جواز الإفراد في مثل هذا ووجهه الإشارة إلى أن أمر النبي صلى الله عليه وسلم ناشئ عن أمر الله ، وهو نحو قوله والله ورسوله أحق أن يرضوه والمختار في هذا أن الجملة الأولى حذفت لدلالة الثانية عليها ، والتقدير عند سيبويه : والله أحق أن يرضوه ورسوله أحق أن يرضوه . انتهى . ( بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام ) أي : وإن كانت من ذهب ، أو فضة ( أرأيت ) أي : أخبرني ( شحوم الميتة فإنه يطلى به ) الضمير يرجع إلى شحم الميتة على تأويل المذكور قاله الطيبي قال القاري : والأظهر أنه راجع إلى الشحم المفهوم من الشحوم ( السفن ) بضمتين جمع السفينة ( ويدهن ) بتشديد الدال ( ويستصبح ) بكسر الموحدة أي : ينور ( بها الناس ) أي : المصباح ، أو بيوتهم يعني : فهل يحل بيعها لما ذكر من المنافع فإنها مقتضية لصحة البيع ( قال : لا ؛ هو حرام ) قال الحافظ أي : البيع ، هكذا فسره بعض العلماء كالشافعي ومن اتبعه ، ومنهم من حمل قوله : وهو حرام على الانتفاع فقال : يحرم الانتفاع بها ، وهو قول أكثر العلماء فلا ينتفع من الميتة أصلا عندهم إلا ما خص بالدليل ، وهو الجلد المدبوغ ، واختلفوا فيما يتنجس من الأشياء الطاهرة ، فالجمهور على الجواز ، وقال أحمد ، وابن الماجشون : لا ينتفع بشيء من ذلك ، واستدل الخطابي على جواز الانتفاع بإجماعهم على أن من ماتت له دابة ساغ له إطعامها لكلاب الصيد فكذلك يسوغ دهن السفينة بشحم الميتة ، ولا فرق . انتهى كلام الحافظ ( قاتل الله اليهود ) أي : أهلكهم ولعنهم [ ص: 435 ] إخبار ، أو دعاء ( إن الله حرم عليهم الشحوم ) أي : شحوم الغنم والبقر قال الله تعالى ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما فأجملوه أي : أذابوه ، قال في النهاية : جملت الشحم وأجملته أذبته ، وقال في القاموس : جمل الشحم أذابه كأجمله واجتمله ، واحتالوا بذلك في تحليله ، وذلك لأن الشحم المذاب لا يطلق عليه لفظ الشحم في عرف العرب ، بل يقولون إنه الودك ( ثم باعوه فأكلوا ثمنه ) الضمير المنصوب في هذه الجمل الثلاث راجع إلى الشحوم على تأويل المذكور أو الى الشحم المفهوم من الشحوم كما تقدم ، قال في شرح السنة : فيه دليل على بطلان كل حيلة تحتال للتوصل إلى محرم وأنه لا يتغير حكمه بتغير هيئته وتبديل اسمه . انتهى . قوله ( وفي الباب عن عمر ) مرفوعا : قاتل الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها فباعوها . أخرجه الشيخان ( وابن عباس ) أخرجه أحمد ، وأبو داود : قوله ( حديث جابر حديث حسن صحيح ) وأخرجه الشيخان .

التالي السابق


الخدمات العلمية