صفحة جزء
باب ما جاء في المرتد

1458 حدثنا أحمد بن عبدة الضبي البصري حدثنا عبد الوهاب الثقفي حدثنا أيوب عن عكرمة أن عليا حرق قوما ارتدوا عن الإسلام فبلغ ذلك ابن عباس فقال لو كنت أنا لقتلتهم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدل دينه فاقتلوه ولم أكن لأحرقهم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تعذبوا بعذاب الله فبلغ ذلك عليا فقال صدق ابن عباس قال أبو عيسى هذا حديث صحيح حسن والعمل على هذا عند أهل العلم في المرتد واختلفوا في المرأة إذا ارتدت عن الإسلام فقالت طائفة من أهل العلم تقتل وهو قول الأوزاعي وأحمد وإسحق وقالت طائفة منهم تحبس ولا تقتل وهو قول سفيان الثوري وغيره من أهل الكوفة
[ ص: 20 ] 2393 ( باب ما جاء في المرتد ) أي في حكم الذي ارتد عن الإسلام .

2394 قوله : ( إن عليا حرق قوما ارتدوا عن الإسلام ) روى الطبراني في الأوسط من طريق سويد بن غفلة أن عليا بلغه أن قوما ارتدوا عن الإسلام فبعث إليهم فأطعمهم ثم دعاهم إلى الإسلام فأبوا فحفر حفيرة ثم أتى بهم فضرب أعناقهم ورماهم فيها ثم ألقى عليهم الحطب فأحرقهم ثم قال صدق الله ورسوله . وزعم أبو المظفر الإسفراييني في الملل والنحل : أن الذين أحرقهم علي طائفة من الروافض ادعوا فيه الإلهية وهم السبئية وكان كبيرهم عبد الله بن سبأ يهوديا ثم أظهر الإسلام وابتدع هذه المقالة ، كذا قال الحافظ في الفتح وذكر بإسناده رواية تؤيد ما زعمه الإسفراييني في الملل والنحل ( فبلغ ذلك ابن عباس ) وكان ابن عباس حينئذ أميرا على البصرة من قبل علي رضي الله عنه ( لو كنت أنا ) أنا تأكيد للضمير المتصل والخبر محذوف أي لو كنت أنا بدله ( من بدل دينه فاقتلوه ) قال الحافظ : قوله ( من ) عام يخص منه من بدله في الباطن ، ولم يثبت عليه ذلك في الظاهر ، فإنه تجري عليه أحكام الظاهر ويستثنى منه ، من بدل دينه في الظاهر مع الإكراه ( لا تعذبوا بعذاب الله ) أي بالقتل بالنار ( فبلغ ذلك عليا فقال صدق ابن عباس ) قال الحافظ : وفي رواية ابن علية فبلغ عليا فقال ويح أم ابن عباس كذا عند أبي داود وعند الدارقطني بحذف ( أم ) وهو محتمل أنه لم يرض بما اعترض به ورأى أن النهي للتنزيه ، وهذا بناء على تفسير ويح بأنها كلمة رحمة فتوجع له لكونه حمل النهي على ظاهره فاعتقد مطلقا فأنكر ، ويحتمل أن يكون قالها رضا بما قال وأنه حفظ ما نسيه بناء على أخذ ما قيل في تفسير ويح أنها تقال بمعنى المدح والتعجب كما حكاه في النهاية انتهى .

قلت : لفظ الترمذي : فبلغ ذلك عليا فقال صدق ، يدل على أن المراد بقوله ويح أم ابن عباس المدح والتعجب .

[ ص: 21 ] قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه البخاري .

قوله : ( وهو قول الأوزاعي وأحمد وإسحاق ) وهو قول الجمهور وهو الأصح الموافق لحديث الباب فإن لفظ ( من ) في قوله من بدل دينه عام شامل للرجل والمرأة ( وقالت طائفة منهم تحبس ولا تقتل ) أي المرأة المرتدة ( وهو قول سفيان الثوري وغيره من أهل الكوفة ) وهو قول الحنفية : قال الحافظ في الفتح : استدل بقوله صلى الله عليه وسلم : ( من بدل دينه فاقتلوه ) ، على قتل المرتدة كالمرتد ، وخصه الحنفية بالذكر وتمسكوا بحديث النهي عن قتل النساء ، وحمل الجمهور النهي على الكافرة الأصلية إذا لم تباشر القتال ولا القتل ، لقوله في بعض طرق حديث النهي عن قتل النساء لما رأى المرأة مقتولة ما كانت هذه لتقاتل ، ثم نهى عن قتل النساء . واحتجوا أيضا بأن من الشرطية لا تعم المؤنث ، وتعقب بأن ابن عباس راوي الخبر قد قال : تقتل المرتدة ، وقتل أبو بكر في خلافته امرأة ارتدت ، والصحابة متوافرون فلم ينكر ذلك عليه أحد ، وقد أخرج ذلك كله ابن المنذر ، وأخرج الدارقطني أثر أبي بكر من وجه حسن ، وأخرج مثله مرفوعا في قتل المرتدة لكن سنده ضعيف ، وقد وقع في حديث معاذ أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أرسله إلى اليمن قال له : أيما رجل ارتد عن الإسلام فادعه فإن عاد وإلا فاضرب عنقه ، وأيما امرأة ارتدت عن الإسلام فادعها ، فإن عادت وإلا فاضرب عنقها . وسنده حسن ، وهو نص في موضع النزاع فيجب المصير إليه ويؤيده اشتراك الرجال والنساء في الحدود كلها الزنا والسرقة وشرب الخمر والقذف ، ومن صور الزنا رجم المحصن فاستثني ذلك من النهي عن قتل النساء فكذلك يستثنى قتل المرتدة انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية