صفحة جزء
باب ما جاء في البعير والبقر والغنم إذا ند فصار وحشيا يرمى بسهم أم لا

1492 حدثنا هناد حدثنا أبو الأحوص عن سعيد بن مسروق عن عباية بن رفاعة بن رافع عن أبيه عن جده رافع بن خديج قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فند بعير من إبل القوم ولم يكن معهم خيل فرماه رجل بسهم فحبسه الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش فما فعل منها هذا فافعلوا به هكذا حدثنا محمود بن غيلان حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن أبيه عن عباية بن رفاعة عن جده رافع بن خديج عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه ولم يذكر فيه عباية عن أبيه وهذا أصح والعمل على هذا عند أهل العلم وهكذا رواه شعبة عن سعيد بن مسروق نحو رواية سفيان
2457 قوله : ( عن عباية ) بفتح العين المهملة والموحدة الخفيفة ، وبعد الألف تحتانية خفيفة الأنصاري الزرقي المدني ثقة من الثالثة ( ابن رفاعة ) بكسر راء وخفة فاء وبعين مهملة ثقة ( بن [ ص: 59 ] رافع بن خديج ) الأنصاري ، صحابي جليل ، أول مشاهده أحد ثم الخندق ( فند بعير ) أي هرب وهو بفتح النون وتشديد الدال ( ولم يكن معهم خيل ) أي ولأجل ذلك لم يقدروا على أخذه ( فحبسه الله ) أي أصابه السهم فوقف ( إن لهذه البهائم ) وفي رواية البخاري : إن لهذه الإبل ( أوابد كأوابد الوحش ) قال الجزري في النهاية : الأوابد جمع آبدة ، وهي التي قد تأبدت ، أي توحشت ونفرت من الإنس انتهى .

والمراد أن لها توحشا ، وقال التوربشتي اللام بمعنى من ( فما فعل منها هذا ) أي فأي بهيمة من هذه البهائم تهرب وتنفر ، ( فافعلوا به هكذا ) أي فارموه بسهم ونحوه . والمعنى ما نفر من الحيوان الأهلي من الإبل ، والبقر ، والغنم ، والدجاج ، كالصيد الوحشي في حكم الذبح ، فإن ذكاته اضطرارية ، فجميع أجزائه محل الذبح . قال في شرح السنة : فيه دليل على أن الحيوان الإنسي إذا توحش ، ونفر فلم يقدر على قطع مذبحه يصير جميع بدنه في حكم المذبح ، كالصيد الذي لا يقدر عليه . وكذلك لو وقع بعير في بئر منكوسا فلم يقدر على قطع حلقومه فطعن في موضع من بدنه فمات كان حلالا انتهى .

قوله : ( وهذا أصح ) والحديث أخرجه الجماعة .

قوله : ( والعمل على هذا عند أهل العلم ) قال الحافظ في الفتح : قد نقله ابن المنذر وغيره عن الجمهور ، وخالفهم مالك والليث ، ونقل أيضا عن سعيد بن المسيب وربيعة فقالوا : لا يحل أكل الإنسي أو الوحش إلا بتذكيته في حلقه أو لبته . وحجة الجمهور حديث رافع انتهى .

قلت : ما ذهب إليه الجمهور هو الصواب وحجتهم حديث الباب . وروى البيهقي من طريق أبي العميس عن غضبان عن يزيد البجلي عن أبيه قال : أعرس رجل من الحي فاشترى جذورا فندت فعرقبها وذكر اسم الله فأمرهم عبد الله يعني ابن مسعود أن يأكلوا . فما طابت أنفسهم حتى جعلوا له منها بضعة ، ثم أتوه بها فأكل . وأخرج عبد الرزاق عن عكرمة عن ابن عباس قال : إذا وقع البعير في البئر فاطعنه من قبل خاصرته ، واذكر اسم الله وكل . وأخرج ابن أبي [ ص: 60 ] شيبة من طريق أبي راشد السلماني قال : كنت أرعى منائح لأهلي بظهر الكوفة فتردى منها بعير فخشيت أن يسبقني بذكاته ، فأخذت حديدة فوجأت بها في جنبه أو سنامه ثم قطعته أعضاء وفرقته على أهلي ، فأبوا أن يأكلوه ، فأتيت عليا فقمت على باب قصره ، فقلت : يا أمير المؤمنين يا أمير المؤمنين ، فقال : يا لبيكاه يا لبيكاه ، فأخبرته خبره . فقال : كل وأطعمني وأخرج ابن أبي شيبة عن عباية بلفظ : تردى بعير في ركية فنزل رجل لينحره . فقال : لا أقدر على نحره ، فقال له ابن عمر : اذكر اسم الله . ثم اقتل شاكلته ، يعني خاصرته . ففعل ، فأخرج مقطعا ، فأخذ منه ابن عمر عشيرا بدرهمين أو أربعة .

قوله : ( وهكذا رواه شعبة عن سعيد بن مسروق من رواية سفيان ) كذا في بعض النسخ بلفظ من رواية سفيان . وفي بعض النسخ مثل رواية سفيان ، وهو الصواب . ويؤيده أنه وقع في بعض النسخ نحو رواية سفيان . والمعنى أنه كما روى سفيان عن أبيه عن عباية بن رفاعة عن جده رافع ، كذلك روى شعبة عن سعيد بن مسروق عن عباية بن رفاعة عن جده رافع ، ولم يذكرا بين عباية ورفاعة واسطة والد عباية ، ولذلك قال الترمذي وهذا أصح .

التالي السابق


الخدمات العلمية