صفحة جزء
باب ما جاء في الفرع والعتيرة

1512 حدثنا محمود بن غيلان حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا فرع ولا عتيرة والفرع أول النتاج كان ينتج لهم فيذبحونه قال وفي الباب عن نبيشة ومخنف بن سليم وأبي العشراء عن أبيه قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح والعتيرة ذبيحة كانوا يذبحونها في رجب يعظمون شهر رجب لأنه أول شهر من أشهر الحرم وأشهر الحرم رجب وذو القعدة وذو الحجة والمحرم وأشهر الحج شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة كذلك روي عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم في أشهر الحج
[ ص: 84 ] 2494 قال في النهاية : قوله : ( لا فرع ولا عتيرة ) هكذا جاء بلفظ النفي ، والمراد به النهي . وقد ورد بلفظ النهي في رواية النسائي والإسماعيلي بلفظ : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد وقع في رواية لأحمد : " لا فرع ولا عتيرة في الإسلام " ( والفرع أول النتاج ) هكذا وقع في هذا الكتاب ، هذا التفسير موصولا بالحديث ، وكذا وقع في صحيح مسلم من طريق عبد الرزاق عن معمر ، ولأبي داود من رواية عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال : الفرع أول النتاج ، الحديث ، جعله موقوفا على سعيد بن المسيب ، وقال الخطابي : أحسب التفسير فيه من قول الزهري ، قال الحافظ : قد أخرج أبو قرة في السنن الحديث عن عبد المجيد بن أبي داود عن معمر وصرح في روايته ، أن تفسير الفرع والعتيرة من قول الزهري ، وقوله أول النتاج بكسر النون بعدها مثناة خفيفة وآخره جيم ( كان ينتج لهم ) بضم أوله وفتح ثالثه يقال نتجت بضم النون وكسر المثناة : إذا ولدت ، ولا يستعمل هذا الفعل إلا هكذا وإن كان مبنيا للفاعل قاله الحافظ ( فيذبحونه ) وفي رواية البخاري : كانوا يذبحونه لطواغيتهم . قال الحافظ : زاد أبو داود عن بعضهم ثم يأكلونه ويلقى جلده على الشجر ، قال : فيه إشارة إلى علة النهي .

واستنبط الشافعي منه الجواز إذا كان الذبح لله جمعا بينه وبين حديث " الفرع حق " وهو حديث أخرجه أبو داود والنسائي والحاكم من رواية داود بن قيس عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمر ، وكذا في رواية الحاكم : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الفرع قال : " الفرع حق وإن تتركه حتى يكون بنت مخاض أو ابن لبون ، فتحمل عليه في سبيل الله ، أو تعطيه أرملة ، خير من أن تذبحه يلصق لحمه بوبر وقوله ناقتك " . قال الشافعي فيما نقله البيهقي من طريق المزني عنه : الفرع شيء كان أهل الجاهلية يذبحونه ، يطلبون به البركة في أموالهم ، فكان يذبح أحدهم بكر ناقته ، أو شاته ، رجاء البركة فيما يأتي بعده ، فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن حكمها : فأعلم أنه لا كراهة عليهما فيه ، وأمرهم استحبابا أن يتركوه حتى يحمل عليه في سبيل الله ، وقوله : حق أي ليس بباطل ، وهو كلام خرج على جواب السائل ، ولا مخالفة بينه وبين حديث ( لا فرع ولا عتيرة ) ، فإن [ ص: 85 ] معناه لا فرع واجب ولا عتيرة واجبة ، وقال غيره : معنى قوله : ( لا فرع ولا عتيرة ) أي ليس في تأكد الاستحباب كالأضحية والأول أولى .

قال النووي : نص الشافعي في حرملة على أن الفرع والعتيرة مستحبان ، ويؤيده حديث نبيشة فذكره ثم قال : ففي الحديث أنه صلى الله عليه وسلم لم يبطل الفرع والعتيرة من أصلهما ، وإنما أبطل صفة من كل منهما ، فمن الفرع كونه يذبح أول ما يولد ، ومن العتيرة خصوص الذبح في شهر رجب . هذا تلخيص ما في الفتح . وذكر الحافظ فيه : وقد أخرج أبو داود والنسائي وصححه ابن حبان من طريق وكيع بن عدس عن عمه أبي رزين العقيلي قال قلت يا رسول الله إنا كنا نذبح ذبائح في رجب فنأكل ونطعم من جاءنا ، فقال لا بأس به . قال وكيع بن عدس فلا أدعه . وجزم أبو عبيد بأن العتيرة تستحب . وفي هذا تعقب على من قال إن ابن سيرين تفرد بذلك . ونقل الطحاوي عن ابن عون أنه كان يفعله ، ومال ابن المنذر إلى هذا وقال : كانت العرب تفعلهما وفعلهما بعض أهل الإسلام بالإذن ثم نهى عنهما ، والنهي لا يكون إلا عن شيء كان يفعل . وما قال أحد أنه نهى عنهما ثم أذن في فعلهما ثم نقل عن العلماء تركهما إلا ابن سيرين ، وكذا ذكر عياض أن الجمهور على النسخ ، وبه جزم الحازمي ، وما تقدم نقله عن الشافعي يرد عليهم . وقد أخرج أبو داود والحاكم والبيهقي واللفظ له بسند صحيح عن عائشة : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفرعة في كل خمسين واحدة انتهى .

قوله : ( وفي الباب عن نبيشة ) بضم النون وفتح الموحدة مصغرا وأخرج حديثه أبو داود والنسائي وابن ماجه وصححه الحاكم وابن المنذر ولفظه قال : نادى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم إنا كنا نعتر عتيرة في الجاهلية في رجب فما تأمرنا ؟ قال : اذبحوا لله في أي شهر كان ، قال : إنا كنا نفرع في الجاهلية ، قال : في كل سائمة فرع تغذوه ماشيتك حتى إذا استعمل ذبحته فتصدقت بلحمه فإن ذلك خير . وفي رواية أبي داود عن أبي قلابة . قال خالد قلت لأبي قلابة : كم السائمة ؟ قال : مائة ( ومخنف بن سليم ) تقدم حديثه . وفي الباب أحاديث أخرى مذكورة في المنتقى وفتح الباري .

قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه الشيخان .

التالي السابق


الخدمات العلمية