صفحة جزء
باب في كراهية هدايا المشركين

1577 حدثنا محمد بن بشار حدثنا أبو داود عن عمران القطان عن قتادة عن يزيد بن عبد الله هو ابن الشخير عن عياض بن حمار أنه أهدى للنبي صلى الله عليه وسلم هدية له أو ناقة فقال النبي صلى الله عليه وسلم أسلمت قال لا قال فإني نهيت عن زبد المشركين قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح ومعنى قوله إني نهيت عن زبد المشركين يعني هداياهم وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقبل من المشركين هداياهم وذكر في هذا الحديث الكراهية واحتمل أن يكون هذا بعد ما كان يقبل منهم ثم نهى عن هداياهم
قوله : ( عن عياض ) بكسر أوله وتخفيف التحتانية وآخره ضاد معجمة ، ( بن حمار ) بكسر المهملة ، وتخفيف الميم التميمي المجاشعي ، صحابي ، سكن البصرة وعاش إلى حدود الخمسين .

[ ص: 166 ] قوله : ( إني نهيت ) بصيغة المجهول ( عن زبد المشركين ) بفتح الزاي وسكون الباء الموحدة وفي آخره دال مهملة وهو الرفد والعطاء .

قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه أحمد وأبو داود وصححه ابن خزيمة وفي الباب عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عند موسى بن عقبة في المغازي أن عامر بن مالك الذي يدعى ملاعب الأسنة قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مشرك فأهدى له . فقال : إني لا أقبل هدية المشركين الحديث ، قال في الفتح : رجاله ثقات إلا أنه مرسل وقد وصله بعضهم ولا يصح .

قوله : ( واحتمل أن يكون هذا بعدما كان يقبل منهم ثم نهى عن هداياهم ) . قال الحافظ في الفتح : جمع الطبري بين هذه الأحاديث المختلفة بأن الامتناع فيما أهدي له خاصة ، والقبول فيما أهدي للمسلمين ، وفيه نظر لأن من جملة أدلة الجواز ما وقعت الهدية فيه له صلى الله عليه وسلم خاصة . وجمع غيره بأن الامتناع في حق من يريد بهديته التودد والموالاة والقبول في حق من يرجى بذلك تأنيسه وتأليفه على الإسلام ، وهذا أقوى من الأول ، وقيل : يحمل القبول على من كان من أهل الكتاب ، والرد على من كان من أهل الأوثان ، وقيل : يمتنع ذلك لغيره من الأمراء وأن ذلك من خصائصه ، ومنهم من ادعى نسخ المنع بأحاديث القبول ، ومنهم من عكس ، وهذه الأجوبة الثلاثة ضعيفة ، فالنسخ لا يثبت بالاحتمال ولا التخصيص انتهى كلام الحافظ .

قلت : يدل على قول من ادعى نسخ المنع بأحاديث القبول ما رواه أحمد عن عامر بن عبد الله بن الزبير قال : قدمت قتيلة ابنة عبد العزيز بن سعد على ابنتها أسماء بهدايا ضباب وأقط وسمن وهي مشركة ، فأبت أسماء أن تقبل هديتها وتدخلها بيتها ، فسألت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى : لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين إلى آخر الآية . فأمرها أن تقبل هديتها وأن تدخلها بيتها كذا في المنتقى .

[ ص: 167 ] ولا يبعد أن يقال إن الأصل هو عدم جواز قبول هدايا المشركين ، لكن إذا كانت في قبول هداياهم مصلحة عامة أو خاصة فيجوز قبولها والله تعالى أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية