صفحة جزء
باب ما جاء في الإمام

1705 حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ألا كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته فالأمير الذي على الناس راع ومسئول عن رعيته والرجل راع على أهل بيته وهو مسئول عنهم والمرأة راعية على بيت بعلها وهي مسئولة عنه والعبد راع على مال سيده وهو مسئول عنه ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته قال أبو عيسى وفي الباب عن أبي هريرة وأنس وأبي موسى وحديث أبي موسى غير محفوظ وحديث أنس غير محفوظ وحديث ابن عمر حديث حسن صحيح قال حكاه إبراهيم بن بشار الرمادي عن سفيان بن عيينة عن بريد بن عبد الله بن أبي بردة عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرني بذلك محمد بن إبراهيم بن بشار قال وروى غير واحد عن سفيان عن بريد عن أبي بردة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا وهذا أصح قال محمد وروى إسحق بن إبراهيم عن معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم إن الله سائل كل راع عما استرعاه قال سمعت محمدا يقول هذا غير محفوظ وإنما الصحيح عن معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا
قوله : ( ألا ) للتنبيه ( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ) الراعي هو الحافظ المؤتمن الملتزم صلاح ما اؤتمن على حفظه فهو مطلوب بالعدل فيه والقيام بمصالحه . والرعية كل من شمله حفظ الراعي ونظره ( فالأمير الذي على الناس راع ) فيمن ولي عليهم ( ومسئول عن رعيته ) هل راعى [ ص: 295 ] حقوقهم أو لا ( والرجل راع على أهل بيته وهو مسئول عنهم ) هل وفاهم حقهم من نحو نفقة وكسوة وحسن عشرة ( والمرأة راعية في بيت بعلها ) أي زوجها . وفي رواية للبخاري : المرأة راعية على أهل بيت زوجها وولده أي بحسن تدبير المعيشة والنصح له والشفقة والأمانة وحفظ نفسها وماله وأطفاله وأضيافه ( هي مسئولة عنه ) أي عن بيت زوجها هل قامت بما عليها أو لا ( والعبد راع على مال سيده ) بحفظه والقيام بما يستحقه عليه من حسن خدمته ونصحه . قال الخطابي : اشتركوا أي الإمام والرجل ومن ذكر في التسمية أي في الوصف بالراعي ومعانيهم مختلفة ، فرعاية الإمام الأعظم حياطة الشريعة بإقامة الحدود والعدل في الحكم ، ورعاية الرجل أهله سياسة لأمرهم وإيصالهم حقوقهم ، ورعاية المرأة تدبير أمر البيت والأولاد والخدمة والنصيحة للزوج في كل ذلك ، ورعاية الخادم حفظ ما تحت يده والقيام بما يجب عليه من خدمته ( ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ) قال الطيبي في هذا الحديث : إن الراعي ليس مطلوبا لذاته وإنما أقيم لحفظ ما استرعاه المالك ، فينبغي أن لا يتصرف إلا بما أذن الشارع فيه ، وهو تمثيل ليس في الباب ألطف ولا أجمع ولا أبلغ منه ، فإنه أجمل أولا ثم فصل وأتى بحرف التنبيه مكررا . قال : والفاء في قوله : ألا فكلكم جواب شرط محذوف ، وختم بما يشبه الفذلكة إشارة إلى استيفاء التفصيل . وقال غيره : دخل في هذا العموم المنفرد الذي لا زوج له ولا خادم ولا ولد ، فإنه يصدق عليه أنه راع على جوارحه حتى يعمل المأمورات ويجتنب المنهيات فعلا ونطقا واعتقادا ، فجوارحه وقواه وحواسه رعيته ، ولا يلزم من الاتصاف بكونه راعيا أن لا يكون مرعيا باعتبار آخر .

قوله : ( وفي الباب عن أبي هريرة وأنس وأبي موسى ) أما حديث أبي هريرة فأخرجه الطبراني في الأوسط ولفظه : ما من راع إلا يسأل يوم القيامة أقام أمر الله أم أضاعه . وأما حديث أنس فأخرجه ابن عدي والطبراني في الأوسط مثل حديث ابن عمر المذكور وزاد في آخره فأعدوا للمسألة جوابا ، قالوا : وما جوابها ؟ قال أعمال البر . ذكره الحافظ في الفتح وقال في سنده حسن . ولابن عدي بسند صحيح عن أنس : إن الله سائل كل راع عما استرعاه حفظ ذلك أو ضيعه . وأما حديث أبي موسى فأخرجه الترمذي في هذا الباب .

[ ص: 296 ] قوله : ( حديث ابن عمر حسن صحيح ) وأخرجه أحمد والشيخان وأبو داود .

قوله : ( ورواه إبراهيم بن بشار الرمادي ) بالفتح والتخفيف ومهملة نسبة إلى رمادة قرية باليمن وبفلسطين أبو إسحاق البصري ، حافظ ، له أوهام من العاشرة ( عن بريد بن عبد الله بن أبي بردة ) بن أبي موسى الأشعري الكوفي ثقة يخطئ قليلا من السادسة ( عن أبي بردة ) بن أبي موسى الأشعري قيل اسمه عامر وقيل الحارث ثقة من الثالثة ( أخبرني بذلك ) أي بما قلنا من أنه رواه إبراهيم بن بشار الرمادي إلخ وهذا قول الترمذي ( محمد ) هو محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله ( بن إبراهيم بن بشار ) وفي النسخة الأحمدية وغيرها ابن إبراهيم بن بشار بلفظ : ابن مكان عن وهو غلط ( قال محمد ) يعني البخاري رحمه الله ( ورواه غير واحد عن سفيان عن بريد بن أبي بردة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا ) أي لم يذكروا أبا بردة وأبا موسى الأشعري ( وهذا أصح ) لأنه رواه كذلك مرسلا غير واحد من أصحاب ابن عيينة . وأما رواية إبراهيم بن بشار الرمادي عن ابن عيينة متصلا فهي وهم منه . قال الحافظ في تهذيب التهذيب في ترجمته : قال البخاري : يهم في الشيء بعد الشيء ، وهو صدوق . وقال أيضا : قال لي إبراهيم الرمادي حدثنا ابن عيينة عن بريد عن أبي بردة عن أبي موسى : كلكم راع . قال أبو أحمد بن عدي وهو وهم كان ابن عيينة يرويه مرسلا . قال ابن عدي : لا أعلم أنكر عليه إلا هذا الحديث الذي ذكره البخاري وباقي حديثه مستقيم وهو عندنا " من أهل الصدق " انتهى . ( قال محمد ) هو البخاري رحمه الله ( وروى إسحاق بن إبراهيم ) المعروف بابن راهويه المروزي ( عن الحسن ) هو البصري .

التالي السابق


الخدمات العلمية