صفحة جزء
باب ما جاء في كراهية أكل الثوم والبصل

1806 حدثنا إسحق بن منصور أخبرنا يحيى بن سعيد القطان عن ابن جريج حدثنا عطاء عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أكل من هذه قال أول مرة الثوم ثم قال الثوم والبصل والكراث فلا يقربنا في مسجدنا قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وفي الباب عن عمر وأبي أيوب وأبي هريرة وأبي سعيد وجابر بن سمرة وقرة بن إياس المزني وابن عمر
قوله : ( من أكل من هذه ) أي هذه الشجرة قوله : ( قال أول مرة الثوم ) هذا قول ابن جريج ، والضمير المرفوع في قال يرجع إلى عطاء كما في فتح الباري في شرح باب الثوم النيء والبصل والكراث ، وقوله الثوم بالجر بيان لهذه ( ثم قال ) أي عطاء مرة أخرى ( الثوم والبصل والكراث ) الثوم بضم الثاء المثلثة يقال له بالفارسية والهندية كندنا ( فلا يقربنا في مسجدنا ) قال النووي بعد أن ذكر حديث مسلم بلفظ : ( فلا يقربن المساجد ) ، هذا تصريح بنهي من أكل الثوم ونحوه عن دخول كل مسجد ، وهذا مذهب العلماء كافة إلا ما حكاه القاضي عياض عن بعض العلماء أن النهي خاص بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم لقوله في رواية : " فلا يقربن مسجدنا " . وحجة الجمهور فلا يقربن المساجد . قال ابن دقيق العيد : ويكون مسجدنا للجنس أو لضرب المثال ، فإنه معلل إما بتأذي الآدميين أو بتأذي الملائكة الحاضرين وذلك قد يوجد في المساجد كلها . ثم إن النهي إنما هو عن حضور المسجد لا عن أكل الثوم والبصل ونحوهما ، فهذه البقول حلال بإجماع من يعتد به . وحكى القاضي عياض عن أهل الظاهر تحريمها ؛ لأنها تمنع عن حضور الجماعة وهي عندهم فرض عين ، وحجة الجمهور قوله صلى الله عليه وسلم في أحاديث : كل فإني أناجي من لا تناجي ، وقوله صلى الله عليه وسلم : أيها الناس إنه ليس لي تحريم ما أحل الله ولكنها شجرة أكره ريحها . أخرجه مسلم وغيره .

قال العلماء : ويلحق بالثوم والبصل والكراث كل ما له رائحة كريهة من المأكولات وغيرها . وقال القاضي عياض : ويلحق به من أكل فجلا وكان يتجشأ ، قال : وقال ابن المرابط : ويلحق به من به بخر في فيه أو به جرح له رائحة . قال القاضي : وقاس العلماء على هذا مجامع الصلاة غير المسجد كمصلى العيد والجنائز ونحوها من مجامع العبادات ، وكذا مجامع العلم والذكر والولائم ونحوها ، ولا يلتحق بها الأسواق ونحوها انتهى . قال الشوكاني : وفيه أن العلة إن كانت هي التأذي فلا وجه لإخراج الأسواق ، وإن كانت مركبة من التأذي وكونه حاصلا للمشتغلين بطاعة صح ذلك ، ولكن العلة المذكورة في الحديث هي تأذي الملائكة ، فينبغي الاقتصار على إلحاق [ ص: 429 ] المواطن التي تحضرها الملائكة . وقد ورد في حديث عند مسلم بلفظ : لا يؤذينا بريح الثوم ، وهي تقتضي التعليل بتأذي بني آدم . قال ابن دقيق العيد : والظاهر أن كل واحد منهما علة مستقلة انتهى ، وعلى هذا الأسواق كغيرها من مجامع العبادات .

قوله : ( هذا حديث حسن ) وأخرجه الشيخان وغيرهما .

قوله : ( وفي الباب عن عمر وأبي أيوب وأبي هريرة وأبي سعيد وجابر بن سمرة وقرة وابن عمر ) أما حديث عمر فأخرجه مسلم والنسائي وابن ماجه عنه ، أنه خطب يوم الجمعة فقال في خطبته : ثم إنكم أيها الناس تأكلون شجرتين لا أراهما إلا خبيثتين البصل والثوم لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وجد ريحهما من الرجل في المسجد أمر به فأخرج إلى البقيع ، فمن أكلهما فليمتهما طبخا ، وأما حديث أبي أيوب فأخرجه مسلم في باب إباحة أكل الثوم وأما حديث أبي هريرة فأخرجه مسلم والنسائي وابن ماجه عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أكل من هذه الشجرة فلا يقربن مسجدنا ، ولا يؤذينا بريح الثوم ، وأما حديث أبي سعيد فأخرجه مسلم عنه وفيه ، من أكل من هذه الشجرة الخبيثة شيئا فلا يقربنا في المسجد ، فقال الناس : حرمت حرمت ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : أيها الناس إنه ليس لي تحريم ما أحل الله لي ، ولكنها شجرة أكره ريحها ، وأما حديث جابر بن سمرة فأخرجه الترمذي في الباب الذي يليه . وأما حديث قرة فأخرجه أبو داود والنسائي عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن هاتين الشجرتين وقال : من أكلهما فلا يقربن مسجدنا . وقال إن كنتم لا بد آكليهما فأميتوهما طبخا وأما حديث ابن عمر فأخرجه الشيخان وأبو داود .

التالي السابق


الخدمات العلمية