صفحة جزء
باب ما جاء في تخمير الإناء وإطفاء السراج والنار عند المنام

1812 حدثنا قتيبة عن مالك بن أنس عن أبي الزبير عن جابر قال قال النبي صلى الله عليه وسلم أغلقوا الباب وأوكئوا السقاء وأكفئوا الإناء أو خمروا الإناء وأطفئوا المصباح فإن الشيطان لا يفتح غلقا ولا يحل وكاء ولا يكشف آنية وإن الفويسقة تضرم على الناس بيتهم قال وفي الباب عن ابن عمر وأبي هريرة وابن عباس قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وقد روي من غير وجه عن جابر
( أغلقوا الباب ) من الإغلاق ، زاد مسلم في رواية : واذكروا اسم الله ( وأوكئوا ) بفتح الهمزة وكسر الكاف من الإيكاء ( السقاء ) بكسر السين أي شدوا واربطوا رأس السقاء بالوكاء ، وهو ما يشد به فم القربة . وزاد مسلم : واذكروا اسم الله ( وأكفئوا الإناء ) أي اقلبوه ، قال في القاموس : كفأه كمنعه صرفه وكبه وقلبه كأكفأه انتهى ( أو خمروا الإناء ) بفتح معجمة وتشديد ميم أي غطوه ، وفي رواية لمسلم : وخمروا آنيتكم واذكروا اسم الله ولو أن تعرضوا عليها شيئا ( وأطفئوا ) بهمزة قطع وكسر فاء فهمزة مضمومة ( المصباح ) أي السراج ( فإن الشيطان لا يفتح [ ص: 433 ] غلقا ) بضم الغين المعجمة واللام أي مغلقا قال القاموس . باب غلق بضمتين مغلق انتهى . واللام في الشيطان للجنس ، إذ ليس المراد فردا بعينه ، والمعنى أن الشيطان لا يقدر على فتح باب أغلق مع ذكر الله عليه . لأنه غير مأذون فيه ، بخلاف ما إذا كان مفتوحا أو مغلقا لم يذكر اسم الله عليه . قال ابن الملك : وعن بعض الفضلاء أن المراد بالشيطان شيطان الإنس ؛ لأن غلق الأبواب لا يمنع شياطين الجن ، وفيه نظر لأن المراد بالغلق الغلق المذكور فيه اسم الله تعالى ، فيجوز أن يكون دخولهم من جميع الجهات ممنوعا ببركة التسمية وإنما خص الباب بالذكر لسهولة الدخول منه فإذا منع منه كان المنع من الأصعب بالأولى . وفي الجامع الصغير عن أبي أمامة مرفوعا : أجيفوا أبوابكم وأكفئوا آنيتكم وأوكئوا أسقيتكم ، وأطفئوا سرجكم ، فإنهم لم يؤذن لهم بالتسور عليكم ، رواه أحمد ( ولا يحل ) بضم الحاء أي لا ينقض . قال في القاموس : حل العقدة نقضها ( وكاء ) بكسر الواو ( ولا يكشف آنية ) أي بشرط التسمية عند الأفعال جميعها ، وفي رواية لمسلم : غطوا الإناء وأوكئوا السقاء فإن في السنة ليلة ينزل فيها وباء لا يمر بإناء ليس عليه غطاء ، أو سقاء ليس عليه وكاء إلا نزل فيه من ذلك الوباء .

قال النووي : ذكر العلماء للأمر بالتغطية فوائد ، منها الفائدتان اللتان وردتا في هذه الأحاديث وهما صيانته من الشيطان ، فإن الشيطان لا يكشف غطاء ولا يحل سقاء ، وصيانته من الوباء الذي ينزل في ليلة من السنة . والفائدة الثالثة صيانته من النجاسة والمقذرات . والرابعة صيانته من الحشرات والهوام فربما وقع شيء منها فيه فشربه ، وهو غافل أو في الليل فيتضرر به انتهى ( فإن الفويسقة ) قال القاري تعليل لقوله : وأطفئوا المصباح ، واعترض بينهما بالعلل للأفعال السابقة ولو ثبت الرواية هنا بالواو لكانت العلل مرتبة على طريق اللف والنشر ، ثم رأيت في القاموس أن الفاء تجيء بمعنى الواو انتهى . والفويسقة تصغير الفاسقة والمراد الفأرة لخروجها من جحرها على الناس وإفسادها ( تضرم ) بضم التاء وإسكان الضاد أي تحرق سريعا قال أهل اللغة : ضرمت النار بكسر الراء وتضرمت وأضرمت أي التهبت ، وأضرمتها أنا وضرمتها ( على الناس بيتهم ) وفي رواية البخاري : وأطفئوا المصابيح فإن الفويسقة ربما جرت الفتيلة فأحرقت أهل البيت .

قوله : ( وفي الباب عن ابن عمر وأبي هريرة وابن عباس ) أما حديث ابن عمر فأخرجه الترمذي في هذا الباب . وأما حديث أبي هريرة فأخرجه ابن ماجه . وأما حديث ابن عباس فأخرجه أبو داود وابن حبان والحاكم عنه قال : جاءت فأرة تجر الفتيلة فألقتها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم على الخمرة التي كان قاعدا عليها فأحرقت منها مثل موضع الدرهم ، فقال : " إذا نمتم فأطفئوا سرجكم فإن الشيطان يدل مثل هذه على هذا فيحرقكم " .

[ ص: 434 ] قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه البخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجه .

التالي السابق


الخدمات العلمية