صفحة جزء
باب ما جاء في الترسل في الأذان

195 حدثنا أحمد بن الحسن حدثنا المعلى بن أسد حدثنا عبد المنعم هو صاحب السقاء قال حدثنا يحيى بن مسلم عن الحسن وعطاء عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبلال يا بلال إذا أذنت فترسل في أذانك وإذا أقمت فاحدر واجعل بين أذانك وإقامتك قدر ما يفرغ الآكل من أكله والشارب من شربه والمعتصر إذا دخل لقضاء حاجته ولا تقوموا حتى تروني حدثنا عبد بن حميد حدثنا يونس بن محمد عن عبد المنعم نحوه قال أبو عيسى حديث جابر هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث عبد المنعم وهو إسناد مجهول وعبد المنعم شيخ بصري
( باب ما جاء في الترسل في الأذان ) أي بقطع الكلمات بعضها عن بعض والتأني في التلفظ بها ، قال ابن قدامة : الترسل التمهل والتأني ، من قولهم جاء فلان على رسله ، والحدر ضد ذلك وهو الإسراع وقطع التطويل وهذا من آداب الأذان ومستحباته ، قال : الأذان إعلام الغائبين والتثبت فيه أبلغ في الإعلام ، والإقامة إعلام الحاضرين فلا حاجة إلى التثبت فيها .

قوله : ( نا المعلى ) بفتح ثانيه وتشديد اللام المفتوحة .

( بن أسد ) العمي البصري أخو بهز ثقة ثبت لم يخطئ إلا في حديث واحد ، كذا في التقريب .

( نا عبد المنعم ) ابن نعيم الأسواري أبو سعيد البصري .

( هو صاحب السقاء ) هو لقب عبد المنعم ، ولعله كان يسقي الناس الماء ، قال الحافظ في التقريب متروك .

( نا يحيى بن مسلم ) البصري ، قال الحافظ مجهول ( عن الحسن وعطاء ) الحسن هو الحسن بن يسار البصري وعطاء هو عطاء بن أبي رباح المكي .

قوله : ( إذا أذنت فترسل ) أي تأن ولا تعجل والرسل بكسر الراء وسكون السين التؤدة [ ص: 501 ] والترسل طلبه .

( وإذا أقمت فاحدر ) أي أسرع وعجل في التلفظ بكلمات الإقامة ، كذا في المجمع ، وقال الحافظ في التلخيص : الحدر بالحاء والدال المهملتين الإسراع ، ويجوز في قوله فاحدر ضم الدال وكسرها ، قال ابن قدامة : وروى أبو عبيد بإسناده عن عمر رضي الله عنه أنه قال لمؤذن بيت المقدس إذا أذنت فترسل وإذا أقمت فاحذم ، قال الأصمعي : وأصل الحذم في المشي إنما هو الإسراع وأن يكون مع هذا كأنه يهوي بيديه إلى خلفه ، انتهى .

( والمعتصر ) هو من يؤذيه بول أو غائط ، أي يفرغ الذي يحتاج إلى الغائط ويعصر بطنه وفرجه ، كذا في المجمع والمرقاة .

( ولا تقوموا حتى تروني ) أي خرجت . وسيأتي توضيح هذا في باب " الإمام أحق بالإقامة " .

قوله : ( وهو إسناد مجهول ) فإن فيه يحيى بن مسلم البصري وهو مجهول ، قال الحافظ الزيلعي في نصب الراية بعد ذكر هذا الحديث وذكر كلام الترمذي هذا ما لفظه : وعبد المنعم هذا ضعفه الدارقطني ، وقال أبو حاتم منكر الحديث جدا لا يجوز الاحتجاج به ، وأخرجه الحاكم في مستدركه عن عمرو بن فائد الأسواري ، ثنا يحيى بن مسلم به سواء ، ثم قال هذا حديث ليس في إسناده مطعون فيه غير عمرو بن فائد ولم يخرجاه . انتهى ، قال الذهبي في مختصره : وعمرو بن فائد قال الدارقطني متروك . انتهى ، وقال الحافظ في التلخيص : وروى الدارقطني من حديث سويد بن غفلة عن علي قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نرتل الأذان ونحدر الإقامة ، وفيه عمرو بن شمر وهو متروك ، وقال البيهقي : روي بإسناد آخر عن الحسن وعطاء عن أبي هريرة ، ثم ساقه ، وقال الإسناد الأول أشهر يعني طريق جابر ، وروى الدارقطني من حديث عمر موقوفا نحوه وليس في إسناده إلا أبو الزبير مؤذن بيت المقدس وهو تابعي قديم مشهور . انتهى ، وحديث جابر المذكور في الباب أخرجه أيضا الحاكم والبيهقي وابن عدي وضعفوه إلا الحاكم فقال : ليس في إسناده مطعون غير عمرو بن فائد ، قال الحافظ : لم يقع إلا في روايته هو ولم يقع في رواية الباقين ، لكن عندهم فيه عبد المنعم صاحب السقاء وهو كاف في تضعيف الحديث ، انتهى .

[ ص: 502 ] فائدة : حديث الباب يدل على أن المؤذن يقول كل كلمة من كلمات الأذان بنفس واحد ، فيقول التكبيرات الأربع في أول الأذان بأربعة أنفس يقول : الله أكبر بنفس ، ثم يقول الله أكبر بنفس آخر ، ثم يقول الله أكبر بنفس آخر ، ثم يقول الله أكبر بنفس آخر ، وعلى هذا يقول كل كلمة بنفس واحد ، لكن قال النووي في شرح مسلم : قال أصحابنا : يستحب للمؤذن أن يقول كل تكبيرتين بنفس واحد ، فيقول في أول الأذان الله أكبر الله أكبر بنفس واحد ، ثم يقول الله أكبر الله أكبر بنفس آخر ، انتهى . ووجهه بأن الإقامة إحدى عشرة كلمة منها الله أكبر الله أكبر أولا وآخرا وهذا ، وإن كان صورة تثنية فهو بالنسبة إلى الأذان إفراد . وتعقب عليه الحافظ في الفتح بأن هذا إنما يتأتى في أول الأذان لا في التكبير الذي في آخره ، وعلى ما قال النووي ينبغي للمؤذن أن يفرد كل تكبيرة من اللتين في آخره بنفس ، انتهى . قلت : ما قال الحافظ حسن موجه ، لكن يستأنس لما قال النووي من أن المؤذن يقول كل تكبيرتين بنفس واحد في أول الأذان وفي آخره بما رواه مسلم في صحيحه عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال المؤذن الله أكبر الله أكبر فقال أحدكم الله أكبر الله أكبر ، ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله قال أشهد أن لا إله إلا الله ، ثم قال أشهد أن محمدا رسول الله قال أشهد أن محمدا رسول الله ، ثم قال حي على الصلاة قال لا حول ولا قوة إلا بالله ، ثم قال حي على الفلاح قال لا حول ولا قوة إلا بالله ، ثم قال الله أكبر الله أكبر قال الله أكبر الله أكبر ، ثم قال لا إله إلا الله قال لا إله إلا الله ، من قلبه دخل الجنة ، انتهى . فقوله صلى الله عليه وسلم : إذا قال المؤذن الله أكبر الله أكبر فقال أحدكم الله أكبر الله أكبر في أول الأذان ، وكذا في آخره يدل بظاهره على ما قال النووي ، والله تعالى أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية