صفحة جزء
1943 حدثنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا سفيان بن عيينة عن داود بن شابور وبشير أبي إسمعيل عن مجاهد أن عبد الله بن عمرو ذبحت له شاة في أهله فلما جاء قال أهديتم لجارنا اليهودي أهديتم لجارنا اليهودي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه قال وفي الباب عن عائشة وابن عباس وأبي هريرة وأنس والمقداد بن الأسود وعقبة بن عامر وأبي شريح وأبي أمامة قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه وقد روي هذا الحديث عن مجاهد عن عائشة وأبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أيضا
قوله : ( حدثنا سفيان ) هو ابن عيينة ( عن داود بن شابور ) بالمعجمة والموحدة أبي سليمان المكي ، وقيل إن اسم أبيه عبد الرحمن وشابور جده ، ثقة من السابعة ، روى عن سويد بن حجير وطاوس وغيرهما ، وعنه شعبة وابن عيينة وثقه أبو زرعة الرازي وابن معين ( وبشير أبي إسماعيل ) هو ابن سليمان الكندي الكوفي والد الحكم ، ثقة يغرب من السادسة .

[ ص: 62 ] قوله : ( أهديتم ) بتقدير همزة الاستفهام ( ما زال جبرائيل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه ) أي يأمر عن الله بتوريث الجار من جاره ، واختلف في المراد بهذا التوريث فقيل يجعل له مشاركة في المال بفرض سهم يعطاه مع الأقارب ، وقيل المراد أن ينزل منزلة من يرث بالبر والصلة ، والأول أظهر فإن الثاني استمر ، والخبر مشعر بأن التوريث لم يقع ، ويؤيده ما أخرجه البخاري من حديث جابر نحو حديث الباب بلفظ : حتى ظننت أنه يجعل له ميراثا واسم الجار يشمل المسلم والكافر ، والعابد والفاسق ، والصديق والعدو ، والغريب والبلدي ، والنافع والضار ، والقريب والأجنبي ، والأقرب دارا والأبعد ، وله مراتب بعضها أعلى من بعض فأعلاها من اجتمعت فيه الصفات الأول كلها ثم أكثرها وهلم جرا إلى الواحد وعكسه من اجتمعت فيه الصفات الأخرى كذلك ، فيعطى كل حقه بحسب حاله ، وقد تتعارض صفتان فأكثر فيرجح أو يساوي ، وقد حمله عبد الله بن عمرو الراوي على العموم ، فإنه أمر لما ذبحت له شاة أن يهدي منها لجاره اليهودي .

وقد أخرج الطبراني من حديث جابر مرفوعا : الجيران ثلاثة : جار له حق وهو المشرك له حق الجوار ، وجار له حقان وهو المسلم له حق الجوار وحق الإسلام وجار له ثلاثة حقوق مسلم له رحم له حق الجوار والإسلام والرحم ، هذا تلخيص ما في فتح الباري .

قوله : ( وفي الباب عن عائشة وابن عباس إلخ ) أما حديث عائشة فأخرجه البخاري ومسلم عنها وعن ابن عمر قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما زال جبريل عليه السلام يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه ; وأخرجه الترمذي عن عائشة وحدها ، وأما حديث ابن عباس فأخرجه الطبراني وأبو يعلى عنه مرفوعا : ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع ، قال المنذري : رواته ثقات ، وأما حديث عقبة بن عامر فأخرجه أحمد عنه مرفوعا بلفظ : أول خصمين يوم القيامة جاران ، قال المنذري : ورواه الطبراني بإسنادين أحدهما جيد ، وأما حديث أبي هريرة فأخرجه البخاري ومسلم عنه مرفوعا : من كان يؤمن بالله وباليوم الآخر فلا يؤذي جاره ، الحديث ، وأما حديث أنس فأخرجه مسلم عنه مرفوعا بلفظ : والذي نفسي بيده لا يؤمن عبد حتى يحب لجاره أو لأخيه ما يحب لنفسه ، وأما حديث عبد الله بن عمرو فأخرجه الترمذي في هذا الباب ، وأما حديث المقداد فأخرجه أحمد وفيه : لأن يزني الرجل بعشرة نسوة أيسر عليه من أن يزني بامرأة جاره الحديث ، قال [ ص: 63 ] المنذري : رواته ثقات ، وأما حديث أبي شريح فأخرجه البخاري عنه مرفوعا : والله لا يؤمن ، والله لا يؤمن ، قيل : ومن يا رسول الله ؟ قال : الذي لا يأمن جاره بوائقه ، وأما حديث أبي أمامة فأخرجه الطبراني عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على ناقته الجدعاء في حجة الوداع يقول : أوصيكم بالجار حتى أكثر ، فقلت إنه يورثه ، قال المنذري : إسناده جيد ورواته رواة الصحيح انتهى ، وفي الباب أحاديث كثيرة ذكرها الحافظ المنذري في كتابه الترغيب .

قوله : ( هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه ) ، وأخرجه أبو داود والبخاري في الأدب المفرد ( وقد روي هذا الحديث عن مجاهد عن عائشة وأبي هريرة أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم ) قال المنذري : قد روي هذا المتن من طرق كثيرة وعن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية