صفحة جزء
باب ما جاء في العي

2027 حدثنا أحمد بن منيع حدثنا يزيد بن هارون عن أبي غسان محمد بن مطرف عن حسان بن عطية عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الحياء والعي شعبتان من الإيمان والبذاء والبيان شعبتان من النفاق قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب إنما نعرفه من حديث أبي غسان محمد بن مطرف قال والعي قلة الكلام والبذاء هو الفحش في الكلام والبيان هو كثرة الكلام مثل هؤلاء الخطباء الذين يخطبون فيوسعون في الكلام ويتفصحون فيه من مدح الناس فيما لا يرضي الله
( باب ما جاء في العي ) بكسر العين المهملة وتشديد التحتية ، قال في القاموس : عيي في المنطق كرضي عيا بالكسر حصر انتهى ، وقال في الصراح : عيي بالكسر درما ندكي به سخن وهو خلاف البيان ، يقال : عي في منطقه وعيي أيضا فهو عيي على فعيل ، وعي أيضا على فعل وهم أعياء وأعيياء انتهى .

قوله : ( عن أبي غسان محمد بن مطرف ) قال الحافظ في تهذيب التهذيب محمد بن مطرف بن داود بن مطرف بن عبد الله بن سارية التيمي الليثي أبو غسان المدني يقال إنه من موالي عمر ، نزل عسقلان ، أحد العلماء الأثبات ، روى عن حسان بن عطية وغيره وعنه يزيد بن هارون وغيره ( عن حسان بن عطية ) المحاربي مولاهم الدمشقي ، ثقة فقيه ، عابد من الرابعة .

[ ص: 147 ] قوله : ( الحياء والعي ) أي العجز في الكلام والمراد به في هذا المقام هو السكوت عما فيه إثم من النثر والشعر لا ما يكون للخلل في اللسان قاله القاري ، وقال في المجمع : العي التحير في الكلام وأراد به ما كان بسبب التأمل في المقال ، والتحرز عن الوبال انتهى قلت وفسر الترمذي العي فيما بعد بقلة الكلام يعني حذرا عن الوقوع في الإثم أو في ما لا يعني ، ( شعبتان من الإيمان ) أي أثران من آثاره فإن المؤمن يحمله الإيمان على الحياء فيترك القبائح حياء من الله تعالى ويمنعه عن الاجتراء على الكلام شفقة عن عثرة اللسان ، فهما شعبتان من شعب الإيمان والحاصل أن الإيمان منشأهما ومنشأ كل معروف وإحسان .

( والبذاء ) بفتح موحدة فذال معجمة فحش الكلام أو خلاف الحياء ( والبيان ) أي الفصاحة الزائدة عن مقدار حاجة الإنسان من التعمق في النطق وإظهار التفاصح للتقدم على الأعيان ، وقال في المجمع : أراد بالبيان ما يكون سببه الاجتراء وعدم المبالاة بالطغيان والتحرز عن الزور والبهتان انتهى ، ( شعبتان من النفاق ) قال في التيسير أي هما خصلتان منشأهما النفاق أو مؤديان إليه ، وأراد بالبيان هنا كثرة الكلام ، والتكلف للناس بكثرة التملق والثناء عليهم ، وإظهار التفصح ، وذلك ليس من شأن أهل الإيمان ، وقد يتملق الإنسان إلى حد يخرجه إلى صريح النفاق وحقيقته انتهى .

قوله : ( هذا حديث حسن غريب ) قال القاري في المرقاة : رجاله رجال الصحيح كذا نقله ميرك عن التصحيح ، وقد رواه الإمام أحمد في مسنده والحاكم في مستدركه انتهى ، وقال المناوي في شرح الجامع الصغير : قال الترمذي حسن ، وقال غيره صحيح انتهى ، ( قال والعي قلة الكلام إلخ ) أي قال الترمذي في تفسير هذه الألفاظ : وأراد بقوله العي قلة الكلام أي تحرزا عن الوقوع في الإثم أو في ما لا ينبغي .

التالي السابق


الخدمات العلمية