صفحة جزء
باب ما جاء في الدجال

2234 حدثنا عبد الله بن معاوية الجمحي حدثنا حماد بن سلمة عن خالد الحذاء عن عبد الله بن شقيق عن عبد الله بن سراقة عن أبي عبيدة بن الجراح قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنه لم يكن نبي بعد نوح إلا قد أنذر الدجال قومه وإني أنذركموه فوصفه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لعله سيدركه بعض من رآني أو سمع كلامي قالوا يا رسول الله فكيف قلوبنا يومئذ قال مثلها يعني اليوم أو خير قال أبو عيسى وفي الباب عن عبد الله بن بسر وعبد الله بن الحارث بن جزي وعبد الله بن مغفل وأبي هريرة وهذا حديث حسن غريب من حديث أبي عبيدة بن الجراح
( باب ما جاء في الدجال ) قال الحافظ في الفتح : هو فعال بفتح أوله والتشديد من الدجل وهو التغطية ، وسمي الكذاب دجالا لأنه يغطي الحق بباطله ، ويقال دجل البعير بالقطران إذا غطاه والإناء بالذهب طلاه ، وقال ابن دريد : وسمي دجالا لأنه يغطي الحق بالكذب وقيل لضربه نواحي الأرض يقال دجل مخففا ومشددا إذا فعل ذلك .

تنبيه : اشتهر السؤال عن الحكمة في عدم التصريح بذكر الدجال في القرآن مع ما ذكر عنه من الشر وعظم الفتنة به وتحذير الأنبياء منه والأمر بالاستعاذة منه حتى في الصلاة وأجيب بأجوبة : أحدها : أنه ذكر في قوله : يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها إلخ فقد أخرج الترمذي وصححه عن أبي هريرة رفعه : ثلاثة إذا خرجن لم ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل الدجال والدابة وطلوع الشمس من مغربها .

الثاني : قد وقعت الإشارة في القرآن إلى نزول عيسى ابن مريم في قوله تعالى : وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته وفي قوله تعالى : وإنه لعلم للساعة وصح أنه الذي يقتل الدجال واكتفى بذكر أحد الضدين عن الآخر ، ولكونه يلقب المسيح كعيسى لكن الدجال مسيح الضلالة ، وعيسى مسيح الهدى .

الثالث : أنه ترك ذكره احتقارا وتعقب بذكر يأجوج ومأجوج ، وليست الفتنة بهم بدون الفتنة بالدجال والذي قبله وتعقب بأن السؤال باق وهو : ما الحكمة في ترك التنصيص عليه؟ ، [ ص: 407 ] وأجاب شيخنا الإمام البلقيني بأنه اعتبر كل من ذكر في القرآن من المفسدين فوجد كل من ذكر إنما هم ممن مضى وانقضى أمره ، وأما من لم يجئ بعد فلم يذكر منهم أحدا انتهى ، وهذا ما ينتقض بيأجوج ومأجوج وقد وقع في تفسير البغوي أن الدجال مذكور في القرآن في قوله تعالى : لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس وأن المراد بالناس هنا الدجال من إطلاق الكل على البعض ، وهذا إن ثبت أحسن الأجوبة فيكون من جملة ما تكفل النبي صلى الله عليه وسلم ببيانه كذا في الفتح .

قوله : ( عن عبد الله بن سراقة ) الأزدي البصري ، وثقه العجلي ، وقال البخاري لا يعرف له سماع من أبي عبيدة من الثالثة .

قوله ( إنه ) أي الشأن ( لم يكن نبي بعد نوح إلا قد أنذر قومه الدجال ) أي خوفهم به ، ويأتي في حديث ابن عمر بعد هذا أن نوحا قد أنذر قومه فقوله بعد نوح في هذا الحديث ( ليس ) للاحتراز ولذا قال صاحب فتح الودود : لعل إنذار من بعد نوح أشد وأكثر ( وإني أنذركموه ) أي الدجال ببيان وصفه خوفا عليكم من تلبيسه ومكره ( لعله سيدركه بعض من رآني ) أي على تقدير خروجه سريعا ، وقيل دل على بقاء الخضر .

قلت : وستأتي مسألة حياة الخضر وموته بعد عدة أبواب ( أو سمع كلامي ) ليس أو للشك من الراوي بل للتنويع ; لأنه لا يلزم من الرؤية السماع وهو لمنع الخلوة لإمكان الجمع وقيل : المعنى أو سمع حديثي بأن وصل إليه ولو بعد حين قاله القاري ( فقال مثلها ) أي مثل قلوبكم الآن وهو معنى قول الراوي ( يعني ) أي يريد بالإطلاق تقييد الكلام بقوله : ( اليوم أو خير ) شك من الراوي ، ويحتمل التنويع بحسب الأشخاص قاله القاري ، قلت : ليس أو للشك من الراوي بل هو من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم يدل عليه رواية أبي داود ففيها : قالوا : يا رسول الله كيف قلوبنا يومئذ ، أمثلها اليوم؟ قال " أو خير " .

قوله : ( وفي الباب عن عبد الله بن بسر وعبد الله بن مغفل وأبي هريرة ) أما حديث [ ص: 408 ] عبد الله بن بسر فأخرجه أبو داود وابن ماجه ، وأما حديث عبد الله بن مغفل فلينظر من أخرجه ، وأما حديث أبي هريرة فأخرجه الشيخان .

قوله : ( هذا حديث حسن غريب ) وأخرجه أبو داود وسكت عنه ، وقال المنذري بعد نقل تحسين الترمذي : ذكر البخاري أن عبد الله بن سراقة لا يعرف له سماع من أبي عبيدة .

التالي السابق


الخدمات العلمية