صفحة جزء
باب ما جاء في فتنة الدجال

2240 حدثنا علي بن حجر أخبرنا الوليد بن مسلم وعبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر دخل حديث أحدهما في حديث الآخر عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن يحيى بن جابر الطائي عن عبد الرحمن بن جبير عن أبيه جبير بن نفير عن النواس بن سمعان الكلابي قال ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال ذات غداة فخفض فيه ورفع حتى ظنناه في طائفة النخل قال فانصرفنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم رجعنا إليه فعرف ذلك فينا فقال ما شأنكم قال قلنا يا رسول الله ذكرت الدجال الغداة فخفضت فيه ورفعت حتى ظنناه في طائفة النخل قال غير الدجال أخوف لي عليكم إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم وإن يخرج ولست فيكم فامرؤ حجيج نفسه والله خليفتي على كل مسلم إنه شاب قطط عينه طافئة شبيه بعبد العزى بن قطن فمن رآه منكم فليقرأ فواتح سورة أصحاب الكهف قال يخرج ما بين الشام والعراق فعاث يمينا وشمالا يا عباد الله اثبتوا قال قلنا يا رسول الله وما لبثه في الأرض قال أربعين يوما يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر أيامه كأيامكم قال قلنا يا رسول الله أرأيت اليوم الذي كالسنة أتكفينا فيه صلاة يوم قال لا ولكن اقدروا له قال قلنا يا رسول الله فما سرعته في الأرض قال كالغيث استدبرته الريح فيأتي القوم فيدعوهم فيكذبونه ويردون عليه قوله فينصرف عنهم فتتبعه أموالهم ويصبحون ليس بأيديهم شيء ثم يأتي القوم فيدعوهم فيستجيبون له ويصدقونه فيأمر السماء أن تمطر فتمطر ويأمر الأرض أن تنبت فتنبت فتروح عليهم سارحتهم كأطول ما كانت ذرا وأمده خواصر وأدره ضروعا قال ثم يأتي الخربة فيقول لها أخرجي كنوزك فينصرف منها فيتبعه كيعاسيب النحل ثم يدعو رجلا شابا ممتلئا شبابا فيضربه بالسيف فيقطعه جزلتين ثم يدعوه فيقبل يتهلل وجهه يضحك فبينما هو كذلك إذ هبط عيسى ابن مريم عليه السلام بشرقي دمشق عند المنارة البيضاء بين مهرودتين واضعا يديه على أجنحة ملكين إذا طأطأ رأسه قطر وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ قال ولا يجد ريح نفسه يعني أحدا إلا مات وريح نفسه منتهى بصره قال فيطلبه حتى يدركه بباب لد فيقتله قال فيلبث كذلك ما شاء الله قال ثم يوحي الله إليه أن حوز عبادي إلى الطور فإني قد أنزلت عبادا لي لا يدان لأحد بقتالهم قال ويبعث الله يأجوج ومأجوج وهم كما قال الله من كل حدب ينسلون قال فيمر أولهم ببحيرة الطبرية فيشرب ما فيها ثم يمر بها آخرهم فيقول لقد كان بهذه مرة ماء ثم يسيرون حتى ينتهوا إلى جبل بيت مقدس فيقولون لقد قتلنا من في الأرض فهلم فلنقتل من في السماء فيرمون بنشابهم إلى السماء فيرد الله عليهم نشابهم محمرا دما ويحاصر عيسى ابن مريم وأصحابه حتى يكون رأس الثور يومئذ خيرا لأحدهم من مائة دينار لأحدكم اليوم قال فيرغب عيسى ابن مريم إلى الله وأصحابه قال فيرسل الله إليهم النغف في رقابهم فيصبحون فرسى موتى كموت نفس واحدة قال ويهبط عيسى وأصحابه فلا يجد موضع شبر إلا وقد ملأته زهمتهم ونتنهم ودماؤهم قال فيرغب عيسى إلى الله وأصحابه قال فيرسل الله عليهم طيرا كأعناق البخت قال فتحملهم فتطرحهم بالمهبل ويستوقد المسلمون من قسيهم ونشابهم وجعابهم سبع سنين قال ويرسل الله عليهم مطرا لا يكن منه بيت وبر ولا مدر قال فيغسل الأرض فيتركها كالزلفة قال ثم يقال للأرض أخرجي ثمرتك وردي بركتك فيومئذ تأكل العصابة من الرمانة ويستظلون بقحفها ويبارك في الرسل حتى إن الفئام من الناس ليكتفون باللقحة من الإبل وإن القبيلة ليكتفون باللقحة من البقر وإن الفخذ ليكتفون باللقحة من الغنم فبينما هم كذلك إذ بعث الله ريحا فقبضت روح كل مؤمن ويبقى سائر الناس يتهارجون كما تتهارج الحمر فعليهم تقوم الساعة قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد الرحمن بن يزيد بن جابر
قوله : ( أخبرنا الوليد بن مسلم ) القرشي الدمشقي ( وعبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ) الأزدي أبو إسماعيل الدمشقي قال النسائي : لا بأس به كذا في الخلاصة .

قوله : ( ذات غداة ) كلمة ذات مقحمة ( فخفض فيه ورفع ) بتشديد الفاء فيهما وفي معناه قولان أحدهما أن خفض فيه بمعنى حقره وقوله رفعه أي عظمه وفخمه فمن تحقيره وهو أنه على الله تعالى عوده ، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم : هو أهون على الله من ذلك ، وإنه لا يقدر على قتل أحد إلا ذلك الرجل ثم يعجز عنه ، وإنه يضمحل أمره ويقتل بعد ذلك هو وأتباعه ، ومن تفخيمه وتعظيم فتنته والمحنة به هذه الأمور الخارقة للعادة وإنه ما من نبي إلا وقد أنذره قومه والوجه الثاني أنه خفض من صوته في حال كثرة ما تكلم فيه ، فخفض بعد طول الكلام والتعب ليستريح ثم رفع ليبلغ صوته كمالا ( في طائفة النخل ) أي ناحيته وجانبه ( ثم رحنا إليه ) من راح يروح قال في القاموس : رحت [ ص: 413 ] القوم وإليهم وعندهم روحا ورواحا ذهبت إليهم رواحا كروحتهم وتروحتهم ، وقال فيه : والرواح العشي أو من الزوال إلى الليل انتهى ( فعرف ذلك ) أي أثر خوف الدجال ( إن يخرج وأنا فيكم ) أي موجود فيم بينكم فرضا وتقديرا ( فأنا حجيجه ) فعيل بمعنى الفاعل من الحجة وهي البرهان أي غالب عليه بالحجة ( دونكم ) أي قدامكم ودافعه عنكم وفيه إرشاد أنه صلى الله عليه وسلم كان في المحاجة معه غير محتاج إلى معاونة معاون من أمته في غلبته عليه بالحجة ( فامرؤ حجيج نفسه ) بالرفع أي فكل امرئ يحاجه ويحاوره ويغالبه لنفسه ( والله خليفتي على كل مسلم ) يعني والله سبحانه وتعالى ولي كل مسلم وحافظه فيعينه عليه ويدفع شره ( إنه ) أي الدجال ( شاب قطط ) بفتح القاف والطاء أي شديد جعودة الشعر ( عينه قائمة ) أي باقية في موضعها وفي رواية مسلم : عينه طافئة أي مرتفعة ( شبيه بعبد العزى بن قطن ) بفتحتين .

قال الطيبي : قيل إنه كان يهوديا ، قال القاري : ولعل الظاهر أنه مشرك لأن العزى اسم صنم ويؤيده في بعض ما جاء في الحواشي هو رجل من خزاعة هلك في الجاهلية انتهى ( فليقرأ فواتح سورة أصحاب الكهف ) أي أوائلها قال الطيبي المعنى أن قراءته أمان له من فتنته كما آمن تلك الفتية من فتنة دقيانوس الجبار ( فعاث يمينا وشمالا ) قال النووي هو بعين مهملة وثاء مثلثة مفتوحة وهو فعل ماض والعيث الفساد أو أشد الفساد والإسراع فيه يقال منه عاث يعيث ، وحكى القاضي أنه رواه بعضهم " فعاث " بكسر الثاء منونة ، اسم فاعل وهو بمعنى الأول ( يا عباد الله البثوا ) من اللبث وهو المكث والفعل لبث كسمع وهو نادر لأن المصدر من فعل بالكسر قياسه بالتحريك إذ لم يتعدد ، وفي رواية مسلم ( يا عباد الله فاثبتوا ) من الثبات وكذا في المشكاة : قال القاري أي أيها المؤمنون الموجودون في ذلك الزمان أو أنتم أيها المخاطبون على فرض أنكم تدركون ذلك الأوان فاثبتوا على دينكم وإن عاقبكم قال الطيبي : هذا من الخطاب العام أراد به من يدرك الدجال من أمته ثم قيل هذا القول منه استمالة لقلوب أمته وتثبيتهم على ما يعاينونه من شر الدجال وتوطينهم على ما هم فيه من الإيمان بالله تعالى واعتقاده وتصديق ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ( وما لبثه ) بفتح لام [ ص: 415 ] وسكون موحدة أي ما قدر مكثه وتوقفه ( قال أربعين يوما يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر أيامه كأيامكم ) فإن قلت : هذا الحديث يدل على أن الدجال يمكث أربعين يوما وحديث أسماء بنت يزيد بن السكن قالت قال النبي صلى الله عليه وسلم : يمكث الدجال في الأرض أربعين سنة السنة كالشهر والشهر كالجمعة والجمعة كاليوم واليوم كاضطرام السعفة في النار ، رواه في شرح السنة يدل على أنه يمكث أربعين سنة فما وجه الجمع بينهما ؟ قلت : قال القاري : لعل وجه الجمع بينهما اختلاف الكمية والكيفية كما يشير إليه قوله : " السنة كالشهر " فإنه محمول على سرعة الانقضاء كما أن قوله ( يوم كسنة ) محمول على أن الشدة في غاية من الاستقصاء على أنه يمكن اختلافه باختلاف الأحوال والرجال قاله في شرح حديث أسماء بنت يزيد المذكور وقال في شرح حديث النواس بن سمعان الذي رواه مسلم وفيه أربعين يوما ما لفظه : والحديث الذي نقله البغوي في شرح السنة لا يصلح أن يكون معارضا لرواية مسلم هذه وعلى تقدير صحته لعل المراد بأحد المكثين مكث خاص على وصف معين مبين عند العالم به انتهى .

قلت : المعتمد هو أن رواية البغوي لا يصلح أن يكون معارضا لحديث مسلم والله تعالى أعلم .

قال النووي : قال العلماء هذا الحديث على ظاهره وهذه الأيام الثلاثة طويلة على هذا القدر المذكور في الحديث ، يدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم : وسائر أيامه كأيامكم ( ولكن اقدروا له ) قال النووي : قال القاضي وغيره هذا حكم مخصوص بذلك اليوم شرعه لنا صاحب الشرع ، قالوا : لولا هذا الحديث ووكلنا إلى اجتهادنا لاقتصرنا فيه على الصلوات الخمس عند الأوقات المعروفة في غيره من الأيام ، ومعنى ( اقدروا له ) أنه إذا مضى بعد طلوع الفجر قدر ما يكون بينه وبين الظهر كل يوم فصلوا الظهر ، ثم إذا مضى بعده قدر ما يكون بينها وبين العصر فصلوا العصر ، وإذا مضى بعد هذا قدر ما يكون بينها وبين المغرب فصلوا المغرب ، وكذا العشاء والصبح ثم الظهر ثم العصر ثم المغرب ، وهكذا حتى ينقضي ذلك اليوم وقد وقع فيه صلوات سنة ، فرائض كلها مؤداة في وقتها ، وأما الثاني الذي كشهر والثالث الذي كجمعة فقياس اليوم الأول أن يقدر لهما كاليوم الأول على ما ذكرناه انتهى .

( فما سرعته في الأرض ) قال الطيبي لعلهم علموا أنه له إسراعا في الأرض فسألوا عن كيفيته كما كانوا عالمين بلبثه فسألوا عن كميته بقولهم ما لبثه أي ما مدة لبثه ( قال كالغيث ) المراد به [ ص: 416 ] هنا الغيم إطلاقا للسبب على المسبب أي يسرع في الأرض إسراع الغيم ( استدبرته الريح ) قال ابن الملك الجملة حال أو صفة للغيث وأل فيه للعهد الذهني والمعنى أن هذا مثال لا يدرك كيفيته ولا يمكن تقدير كميته ( فيأتي ) أي الدجال ( فيدعوهم ) أي إلى دعوى ألوهيته ( ويردون عليه قوله ) أي لا يقبلونه أو يبطلونه بالحجة ( ثم يأتي القوم ) أي قوما آخرين ( فيستجيبون له ) فيقبل ن ألوهيته ( فيأمر السماء ) أي السحاب ( فتمطر ) من الإمطار حتى تجري الأنهار ( فتنبت ) من الإنبات ( فتروح عليهم سارحتهم ) أي فترجع بعد زوال الشمس إليهم ماشيتهم التي تذهب بالغدوة إلى مراعيها ( كأطول ما كانت ) أي السارحة من الإبل ( ذرى ) بضم الذال المعجمة وحكي كسرها وفتح الراء منونا جمع ذروة مثلثة وهي أعلى السنام ، وذروة كل شيء أعلاه ، وهو كناية عن كثرة السمن ( وأمده ) أي وأمد ما كانت ، وهو اسم تفضيل من المد ( خواصر ) جمع خاصرة ، وهي ما تحت الجنب ، ومدها كناية عن الامتلاء وكثرة الأكل ( وأدره ) أفعل التفضيل من الدر ، وهو اللبن ( ضروعا ) بضم أوله جمع ضرع : وهو الثدي كناية عن كثرة اللبن ( ثم يأتي الخربة ) بكسر الراء أي الأرض الخربة والبقاع الخربة ( أخرجي كنوزك ) بضم الكاف جمع كنز أي مدفونك أو معادنك ( فينصرف ) أي الدجال ( منها ) أي من الخربة ( فتتبعه ) الفاء فصيحة ، أي فتخرج الكنوز فتعقب الدجال ( كيعاسيب النحل ) أي كما يتبع النحل اليعسوب ، واليعسوب : أمير النحل وذكرها الرئيس الكبير ، كذا في القاموس ، والمراد هنا أمير النحل ، قال القاري : وفي الكلام نوع قلب إذ حق الكلام كنحل اليعاسيب انتهى ، ( ثم يدعو ) أي يطلب ( ممتلئا شبابا ) قال الطيبي : هو الذي يكون في غاية الشباب ( فيضربه بالسيف ) أي غضبا عليه لإبائه قبول دعوته الألوهية ، أو إظهارا للقدرة وتوطئة لخرق العادة ( فيقطعه جزلتين ) بفتح الجيم وتكسر أي قطعتين ، وفي رواية مسلم : جزلتين رمية الغرض ، قال القاري : أي قدر حذف الهدف ، فهي منصوبة بقدر ، وفائدة التقييد به أن يظهر عند الناس أنه هلك بلا شبهة كما يفعله السحرة والمشعبذة ، وقال النووي : معنى رمية الغرض أنه يجعل بين الجزلتين مقدار رميته ـ هذا هو الظاهر المشهور ، وحكى القاضي هذا ، ثم [ ص: 417 ] قال : وعندي أن فيه تقديما وتأخيرا ، وتقديره فيصيبه إصابة رمية الغرض فيقطعه جزلتين ، والصحيح الأول انتهى ، 7 فيقبل أي الرجل الشاب على الدجال ( يتهلل ) أي يتلألأ ويضيء ( يضحك ) حال من فاعل يقبل ، أي يقبل ضاحكا بشاشا فيقول هذا كيف يصلح إلها ( فبينما هو ) أي الرجل ( كذلك ) أي على تلك الحال ( إذ هبط ) أي نزل ( بشرقي ) بالإضافة ( دمشق ) بكسر الدال وفتح الميم ، وهذا هو المشهور : وحكى صاحب المطالع : كسر الميم ، وهذا الحديث من فضائل دمشق ( عند المنارة ) بفتح الميم ، قال النووي : هذه المنارة موجودة اليوم شرقي دمشق ، وقال القاري : ذكر السيوطي في تعليقه على ابن ماجه أنه قال الحافظ ابن كثير في رواية أن عيسى عليه الصلاة والسلام ينزل ببيت المقدس ، وفي رواية بالأردن ، وفي رواية بمعسكر المسلمين .

قلت : حديث نزوله ببيت المقدس عند ابن ماجه ، وهو عندي أرجح ، ولا ينافي سائر الروايات ; لأن ببيت المقدس شرقي دمشق وهو معسكر المسلمين إذ ذاك ، والأردن اسم الكورة كما في الصحاح ، وبيت المقدس داخل فيه ، وإن لم يكن في بيت المقدس الآن منارة ، فلا بد أن تحدث قبل نزوله انتهى ، ( بين مهرودتين ) قال النووي : المهرودتان روى بالدال المهملة والذال المعجمة والمهملة أكثر ، والوجهان مشهوران للمتقدمين والمتأخرين من أهل اللغة والغريب وغيرهم ، وأكثر ما يقع في النسخ بالمهملة كما هو المشهور ، ومعناه لابس مهرودتين : أي ثوبين مصبوغين بورس ، ثم بزعفران ، وقيل هما شقتان ، والشقة نصف الملاءة ، وقال الجزري في النهاية قال ابن الأنباري : القول عندنا في الحديث بين مهرودتين : يروى بالدال والذال أي بين ممصرتين على ما جاء في الحديث ولم نسمعه إلا فيه ، وكذلك أشياء كثيرة لم تسمع إلا في الحديث ، والممصرة من الثياب التي فيها صفرة خفيفة ، وقيل المهرود الثوب الذي يصبغ بالعروق ، والعروق يقال لها الهرد انتهى .

( واضعا يده ) وفي رواية مسلم واضعا كفيه ( إذا طأطأ ) بهمزتين أي خفض ( تحدر ) ماض معلوم من التحدر ، أي نزل وقطر ( جمان كاللؤلؤ ) بضم الجيم وتخفيف الميم هي حبات من الفضة تصنع على هيئة اللؤلؤ الكبار ، والمراد يتحدر منه الماء على هيئة اللؤلؤ في صفاته ، فسمي الماء جمانا لشبهه به في الصفاء ( ريح نفسه ) بفتح النون والفاء ( يعني أحد ) هذا بيان لفاعل يجد من بعض الرواة ، أي لا يجد أحد من الكفار ( إلا مات ) قال القاري : من الغريب أن نفس عيسى عليه الصلاة والسلام تعلق به الإحياء لبعض والإماتة لبعض ( وريح نفسه منتهى بصره ) ، وفي رواية [ ص: 418 ] مسلم : ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه ( فيطلبه ) أي يطلب عيسى عليه الصلاة والسلام الدجال ( حتى يدركه بباب لد ) قال النووي : هو بضم اللام وتشديد الدال مصروف وهو بلدة قريبة من بيت المقدس .

وقال في النهاية : لد موضع بالشام وقيل بفلسطين ( أن حوز عبادي إلى الطور ) بفتح الحاء المهملة وكسر الواو المشددة وبالزاي أمر من التحويز أي نحهم وأزلهم عن طريقهم إلى الطور ( قد أنزلت عبادا لي ) وفي رواية مسلم : قد أخرجت عبادا لي أي أظهرت جماعة وهم يأجوج ومأجوج ( لا يدان ) بكسر النون تثنية يد ، قال العلماء معناه لا قدرة ولا طاقة يقال : ما لي بهذا الأمر يد وما لي به يدان ، لأن المباشرة والدفع إنما يكون باليد ، وكأن يديه معدومتان لعجزه عن دفعه ( وهم من كل حدب ) بفتحتين أي مكان مرتفع من الأرض ( ينسلون ) أي يمشون مسرعين ( ببحيرة الطبرية ) بالإضافة وبحيرة تصغير بحرة وهي ماء مجتمع بالشام طوله عشرة أميال والطبرية بفتحتين اسم موضع ( فهلم ) أي تعال والخطاب لأميرهم وكبيرهم ، أو عام غير مخصوص بأحدهم ، وفي النهاية فيه لغتان فأهل الحجاز يطلقونه على الواحد والاثنين والجمع والمؤنث بلفظ واحد مبني على الفتح وبنو تميم تثني وتجمع وتؤنث تقول هلم وهلمي وهلما وهلموا ( فيرمون بنشابهم ) بضم فتشديد مفرده نشابة والباء زائدة أي سهامهم ( ويحاصر ) بصيغة المجهول أي يحبس في جبل الطور ( حتى يكون رأس الثور يومئذ خيرا لهم من مائة دينار لأحدكم اليوم ) قال التوربشتي : أي تبلغ بهم الفاقة إلى هذا الحد ، إنما ذكر رأس الثور ليقاس البقية عليه في القيمة ( فيرغب عيسى ابن مريم إلى الله وأصحابه ) قال القاضي : أي يرغبون إلى الله تعالى في إهلاكهم وإنجائهم عن مكابدة بلائهم ، ويتضرعون إليه فيستجيب الله فيهلكهم بالنغف كما قال 6 ( فيرسل الله عليهم ) أي على [ ص: 419 ] يأجوج ومأجوج ( النغف ) بنون وغين معجمة مفتوحتين ثم فاء وهو دود يكون في أنوف الإبل والغنم الواحدة نغفة ( فيصبحون فرسى ) كهلكى وزنا ومعنى ، وهو جمع فريس كقتيل وقتلى من فرس الذئب الشاة إذا كسرها وقتلها ومنه فريسة الأسد 0 ( كموت نفس واحدة ) لكمال القدرة وتعلق المشيئة قال تعالى ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة 1 ( ويهبط ) أي ينزل من الطور 2 ( وقد ملأته زهمتهم ) وفي رواية مسلم : زهمهم بغير التاء ، قال النووي : هو بفتح الهاء أي دسمهم ورائحتهم الكريهة 3 ( فيرسل الله عليهم طيرا كأعناق البخت ) بضم موحدة وسكون معجمة نوع من الإبل أي طيرا أعناقها في الطول والكبر كأعناق البخت ، والطير جمع طائرة وقد يقع على الواحد ( فتطرحهم بالمهبل ) بفتح الميم وسكون الهاء وكسر الموحدة قال في النهاية هو الهوة الذاهبة في الأرض ( ويستوقد المسلمون من قسيهم ) بكسرتين فتشديد تحتية جمع قوس والضمير ليأجوج ومأجوج ( ونشابهم ) أي سهامهم ( وجعابهم ) بكسر الجيم جمع جعبة بالفتح وهي ظرف النشاب ( لا يكن ) بفتح الياء وضم الكاف وتشديد النون من كننت الشيء أي سترته وصنته عن الشمس وهي من أكننت الشيء بهذا المعنى والمفعول محذوف والجملة صفة مطرا أي لا يستر ولا يصون شيئا ( منه ) أي من ذلك المطر ( بيت وبر ) أو صوف أو شعر ( ولا مدر ) بفتح الميم والدال وهو الطين الصلب ، والمراد تعميم بيوت أهل البدو والحضر ( فيغسل ) أي المطر ( فيتركها كالزلفة ) بفتح الزاي واللام ويسكن وبالفاء وقيل بالقاف وهي المرآة بكسر الميم وقيل ما يتخذ لجمع الماء من المصنع ، والمراد أن الماء يعم جميع الأرض بحيث يرى الرائي وجهه فيه ( تأكل العصابة ) بكسر العين أي الجماعة ( ويستظلون بقحفها ) بكسر القاف أي بقشرها ، قال النووي هو مقعر قشرها ، شبهها بقحف الآدمي وهو الذي فوق الدماغ ، وقيل ما انفلق من جمجمته وانفصل انتهى .

( ويبارك في الرسل ) بكسر الراء وسكون السين أي اللبن ( حتى إن الفئام ) بكسر الفاء وبعدها همزة ممدودة [ ص: 420 ] وهي الجماعة الكثيرة ( ليكتفون باللقحة ) بكسر اللام وفتحها لغتان مشهورتان والكسر أشهر ، وهي القريبة العهد بالولادة وجمعها لقح بكسر اللام وفتح القاف كبركة وبرك واللقوح ذات اللبن وجمعها لقاح ( وإن الفخذ ) قال النووي : قال أهل اللغة الفخذ الجماعة من الأقارب وهم دون البطن ، والبطن دون القبيلة ، قال القاضي : قال ابن فارس : الفخذ هنا بإسكان الخاء لا غير فلا يقال إلا بإسكانها بخلاف الفخذ التي هي العضو فإنها تكسر وتسكن انتهى .

8 ( ويبقى سائر الناس ) وفي رواية مسلم : ويبقى شرار الناس 4 ( يتهارجون كما يتهارج الحمر ) أي يجامع الرجال النساء بحضرة الناس كما يفعل الحمير ولا يكترثون لذلك ، والهرج بإسكان الراء الجماع ، يقال هرج زوجته أي جامعها يهرجها بفتح الراء وضمها وكسرها ( فعليهم تقوم الساعة ) أي لا على غيرهم ، وفي حديث ابن مسعود : لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس ، وفي حديث أنس : لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض الله الله ، رواهما مسلم .

5 قوله : ( هذا حديث غريب حسن صحيح ) وأخرجه أحمد ومسلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية