صفحة جزء
باب ما جاء في قول النبي صلى الله عليه وسلم من رآني في المنام فقد رآني

2276 حدثنا محمد بن بشار حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا سفيان عن أبي إسحق عن أبي الأحوص عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي قال وفي الباب عن أبي هريرة وأبي قتادة وابن عباس وأبي سعيد وجابر وأنس وأبي مالك الأشجعي عن أبيه وأبي بكرة وأبي جحيفة قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح
قوله : ( عن عبد الله ) أي ابن مسعود .

قوله : ( من رآني في المنام فقد رآني ) اختلف العلماء في معنى قوله فقد رآني ، فقال ابن الباقلاني : معناه أن رؤياه صحيحة ليست بأضغاث ولا من تشبيهات الشيطان ويؤيد قوله رواية : فقد رأى الحق أي : الرؤية الصحيحة ، قال : وقد يراه الرائي خلاف صفته المعروفة كمن رآه أبيض اللحية وقد يراه شخصان في زمن واحد أحدهما في المشرق والآخر في المغرب ويراه كل منهما في [ ص: 458 ] مكانه ، وحكى المازري هذا عن ابن الباقلاني ثم قال : وقال آخرون بل الحديث على ظاهره ، والمراد أن من رآه فقد أدركه ولا مانع يمنع من ذلك والعقل لا يحيله حتى يضطر إلى صرفه عن ظاهره ، فأما قوله بأنه قد يرى على خلاف صفته أو في مكانين معا فإن ذلك غلط في صفاته وتخيل لها على خلاف ما هي عليه ، وقد يظن الظان بعض الخيالات مرئيا لكون ما يتخيل مرتبطا بما يرى في العادة فيكون ذاته صلى الله عليه وسلم مرئية وصفاته متخيلة غير مرئية والإدراك لا يشترط فيه تحديق الأبصار ولا قرب المسافة ولا كون المرئي مدفونا في الأرض ولا ظاهرا عليها ، وإنما يشترط كونه موجودا ولم يقم دليل على فناء جسمه صلى الله عليه وسلم بل جاء في الأحاديث ما يقتضي بقاءه ، قال : ولو رآه يأمر بقتل من يحرم قتله كان هذا من الصفات المتخيلة لا المرئية ، هذا كلام المازري ، قال القاضي : ويحتمل أن يكون قوله صلى الله عليه وسلم : فقد رآني أو فقد رأى الحق فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي ، المراد به إذا رآه على صفته المعروفة في حياته ، فإن رأى على خلافها كانت رؤيا تأويل لا رؤيا حقيقة ، وهذا الذي قاله القاضي ضعيف ، بل الصحيح أنه يراه حقيقة سواء كان على صفته المعروفة أو غيرها لما ذكره المازري ، قال القاضي قال بعض العلماء : خص الله تعالى النبي صلى الله عليه وسلم بأن رؤية الناس إياه صحيحة وكلها صدق ومنع الشيطان أن يتصور في خلقته لئلا يكذب على لسانه في النوم ، وكما خرق الله تعالى العادة للأنبياء عليهم السلام بالمعجزة ، وكما استحال أن يتصور الشيطان في صورته في اليقظة ولو وقع لاشتبه الحق بالباطل ، ولم يوثق بما جاء به مخافة من هذا التصور فحماها الله تعالى من الشيطان ونزغه ووسوسته وكيده ، قال : وكذا حمى رؤياهم بأنفسهم كذا في شرح مسلم للنووي .

( فإن الشيطان لا يتمثل بي ) وفي رواية : لا يتمثل في صورتي ، والمعنى لا يتشبه بصورتي ، وفي رواية : لا يستطيع أن يتمثل بي ، قال الحافظ : فيه إشارة إلى أن الله تعالى وإن أمكنه من التصور في أي صورة أراد فإنه لم يمكنه من التصور في صورة النبي صلى الله عليه وسلم وقد ذهب إلى هذا جماعة فقالوا في الحديث : إن محل ذلك إذا رآه الرائي على صورته التي كان عليها ، ومنهم من ضيق الغرض في ذلك حتى قال لا بد أن يراه على صورته التي قبض عليها حتى يعتبر عدد الشعرات البيض التي لم تبلغ عشرين شعرة ، قال الحافظ : والصواب التعميم في جميع حالاته بشرط أن تكون صورته الحقيقية في وقت ما ، سواء كان في شبابه أو رجوليته أو كهوليته أو آخر عمره ، وقد يكون لما خالف ذلك تعبير ما يتعلق بالرائي كذا في الفتح .

قوله : ( وفي الباب عن أبي هريرة وأبي قتادة وابن عباس وأبي سعيد وجابر وأنس وأبي مالك [ ص: 459 ] الأشجعي عن أبيه وأبي بكرة وأبي جحيفة ) ، أما حديث أبي هريرة فأخرجه الشيخان وابن ماجه ، وأما حديث أبي قتادة فأخرجه الشيخان وأبو داود ، وأما حديث ابن عباس فأخرجه ابن ماجه ، وأما حديث أبي سعيد فأخرجه البخاري وابن ماجه ، وأما حديث جابر فأخرجه مسلم وابن ماجه ، وأما حديث أنس فأخرجه البخاري ، وأما حديث أبي مالك عن أبيه فلينظر من أخرجه وأما حديث أبي جحيفة فأخرجه ابن ماجه .

قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه ابن ماجه .

التالي السابق


الخدمات العلمية