صفحة جزء
باب ما جاء في الكفاف والصبر عليه

2347 أخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله بن المبارك عن يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم أبي عبد الرحمن عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن أغبط أوليائي عندي لمؤمن خفيف الحاذ ذو حظ من الصلاة أحسن عبادة ربه وأطاعه في السر وكان غامضا في الناس لا يشار إليه بالأصابع وكان رزقه كفافا فصبر على ذلك ثم نقر بيده فقال عجلت منيته قلت بواكيه قل تراثه
( باب ما جاء في الكفاف والصبر عليه ) قال في النهاية : الكفاف هو الذي لا يفضل عن الشيء ويكون بقدر الحاجة إليه .

قوله : ( عن يحيى بن أيوب ) هو الغافقي ( عن عبيد الله بن زحر ) بفتح الزاي وسكون المهملة الضمري مولاهم الإفريقي صدوق يخطئ من السادسة .

[ ص: 11 ] قوله : ( إن أغبط أوليائي ) أفعل تفضيل بني للمفعول لأن المغبوط به حاله أي أحسنهم حالا وأفضلهم مالا ( عندي ) أي في اعتقادي ( لمؤمن ) اللام زائدة . في خبر المبتدأ للتأكيد أو هي للابتداء أو المبتدأ محذوف أي لهو مؤمن ( خفيف الحاذ ) بتخفيف الذال المعجمة أي خفيف الحال الذي يكون قليل المال وخفيف الظهر من العيال . قال الجزري في النهاية : الحاذ والحال واحد وأصل الحاذ طريقة المتن ، وهو ما يقع عليه اللبد من ظهر الفرس أي خفيف الظهر من العيال ، انتهى .

ومجمل المعنى : أحق أحبائي وأنصاري عندي بأن يغبط ويتمنى حاله مؤمن بهذه الصفة ( ذو حظ من الصلاة ) أي ومع هذا هو صاحب لذة وراحة من المناجاة مع الله والمراقبة واستغراق في المشاهدة ، ومنه قوله -صلى الله عليه وسلم- : قرة عيني في الصلاة . وأرحنا بها يا بلال قاله القاري ( أحسن عبادة ربه ) تعميم بعد تخصيص والمراد إجادتها على الإخلاص ( وأطاعه في السر ) أي كما أطاعه في العلانية فهو من باب الاكتفاء والتخصيص لما فيه من الاعتناء قاله القاري . وجعله الطيبي عطف تفسير على أحسن وكذا المناوي ( وكان غامضا ) أي خاملا خافيا غير مشهور ( في الناس ) أي فيما بينهم ( لا يشار إليه بالأصابع ) بيان وتقرير لمعنى الغموض ( وكان رزقه كفافا ) أي بقدر الكفاية لا أزيد ولا أنقص ( فصبر على ذلك ) أي على الرزق الكفاف أو على الخمول والغموض ، أو على ما ذكر دلالة على أن ملاك الأمر الصبر وبه يتقوى على الطاعة ، قال تعالى : واستعينوا بالصبر والصلاة وقال : أولئك يجزون الغرفة بما صبروا " ثم نقر بيديه " بفتح النون والقاف وبالراء .

ووقع في المشكاة نقد بالدال المهملة بدل الراء ، قال في المجمع : ثم نقد بيده بالدال من نقدته بأصبعي واحدا بعد واحد وهو كالنقر بالراء ويروى به أيضا والمراد ضرب الأنملة على الأنملة أو على الأرض كالمتقلل للشيء أي يقلل عمره وعدد بواكيه ومبلغ تراثه . وقيل : هو فعل المتعجب من الشيء . وقيل للتنبيه على أن ما بعده مما يهتم به ( عجلت ) بصيغة المجهول من التعجيل ( منيته ) أي موته قال في المجمع : أي يسلم روحه سريعا لقلة تعلقه بالدنيا وغلبة شوقه إلى الآخرة . أو أراد أنه قليل مؤن الممات كما كان قليل مؤن الحياة ، أو كان قبض روحه سريعا ( قلت بواكيه ) جمع [ ص: 12 ] باكية ؛ أي امرأة تبكي على الميت ( قل تراثه ) أي ميراثه وماله المؤخر عنه مما يورث وتراث الرجل ما يخلفه بعد موته من متاع الدنيا وتاؤه بدل من الواو . وحديث أبي أمامة هذا أخرجه أيضا أحمد وابن ماجه .

التالي السابق


الخدمات العلمية