صفحة جزء
2376 حدثنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله بن المبارك عن زكريا بن أبي زائدة عن محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة عن ابن كعب بن مالك الأنصاري عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح ويروى في هذا الباب عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يصح إسناده
قوله : ( عن محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة ) الأنصاري المدني وهو محمد بن [ ص: 39 ] عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة ، ويقال ابن محمد بدل عبد الله ، ومنهم من ينسبه إلى جده لأمه ، فيقول محمد بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة وثقه النسائي كذا في تهذيب التهذيب ( عن ابن كعب بن مالك الأنصاري ) قال الحافظ في التقريب : ابن كعب بن مالك في لعق الأصابع هو عبد الرحمن . وجاء بالشك عبد الله أو عبد الرحمن ، وفي حديث : أرواح الشهداء هو عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب نسب لجده . وفي حديث : ( ما ذئبان جائعان ) لم يسم وهو أحد هذين . وكذا في حديث : من طلب العلم ، وإن امرأة ذبحت شاة بحجر ، وقيل : في هذا الأخير عن ابن كعب عن أخيه . والذي يظهر أنه عبد الرحمن بن كعب ، انتهى ( عن أبيه ) أي كعب بن مالك بن أبي كعب الأنصاري السلمي المدني صحابي مشهور وهو أحد الثلاثة الذين خلفوا .

قوله : ( ما ) نافية ( جائعان ) أتي به للمبالغة ( أرسلا ) أي خليا وتركا ( في غنم ) أي قطيعة غنم ( لدينه ) متعلق بأفسد . والمعنى أن حرص المرء عليهما أكثر فسادا لدينه المشبه بالغنم لضعفه يجنب حرصه من إفساد الذئبين للغنم . قال الطيبي : ما بمعنى ليس ، وذئبان اسمها . وجائعان صفة له ، وأرسلا في غنم الجملة في محل الرفع على أنها صفة بعد صفة ، وقوله : بأفسد خبر لما والباء زائدة وهو أفعل تفضيل أي بأشد إفساد والضمير في " لها " للغنم واعتبر فيها الجنسية فلذا أنث ، وقوله : من حرص المرء ، هو المفضل عليه لاسم التفضيل ، وقوله : على المال والشرف ، يتعلق بالحرص والمراد به الجاه ، وقوله : لدينه اللام فيه بيان كما في قوله تعالى : لمن أراد أن يتم الرضاعة كأنه قيل بأفسد لأي شيء ، قيل لدينه . ومعناه ليس ذئبان جائعان أرسلا في جماعة من جنس الغنم بأشد إفسادا لتلك الغنم من حرص المرء على المال والجاه ، فإن إفساده لدين المرء أشد من إفساد الذئبين الجائعين لجماعة من الغنم إذا أرسلا فيها . أما المال فإفساده أنه نوع من القدرة يحرك داعية الشهوات ويجر إلى التنعم في المباحات فيصير التنعم مألوفا ، وربما يشتد أنسه بالمال ويعجز عن كسب الحلال فيقتحم في الشبهات مع أنها ملهية عن ذكر الله تعالى ، وهذه لا ينفك عنها أحد . وأما الجاه فيكفي به إفسادا أن المال يبذل للجاه ولا يبذل الجاه للمال وهو الشرك الخفي ، فيخوض في المراءاة والمداهنة والنفاق وسائر الأخلاق الذميمة ، فهو أفسد وأفسد ، انتهى .

[ ص: 40 ] قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه أحمد والنسائي والدارمي وابن حبان .

قوله : ( ويروى في هذا الباب عن ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا يصح إسناده ) حديث ابن عمر هذا رواه البزار بلفظ : ما ذئبان ضاريان في حظيرة يأكلان ويفسدان بأضر فيها من حب الشرف ، وحب المال في دين المرء المسلم . قال المنذري في الترغيب : إسناده حسن .

وقد صنف ابن رجب الحنبلي جزءا لطيفا في شرح حديث كعب بن مالك المذكور في الباب ، وقال فيه بعد ذكره ما لفظه : وروي من وجه آخر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من حديث ابن عمر وابن عباس وأبي هريرة وأسامة بن زيد وجابر وأبي سعيد الخدري وعاصم بن عدي الأنصاري رضي الله عنهم أجمعين . قال : وقد ذكرتها كلها مع الكلام عليها في كتاب شرح الترمذي وفي لفظ حديث جابر : ما ذئبان ضاريان يأتيان في غنم غاب رعاؤها بأفسد للناس من حب الشرف والمال لدين المؤمن ، انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية