صفحة جزء
2677 حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن أخبرنا محمد بن عيينة عن مروان بن معاوية الفزاري عن كثير بن عبد الله هو ابن عمرو بن عوف المزني عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلال بن الحارث اعلم قال ما أعلم يا رسول الله قال اعلم يا بلال قال ما أعلم يا رسول الله قال إنه من أحيا سنة من سنتي قد أميتت بعدي فإن له من الأجر مثل من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيئا ومن ابتدع بدعة ضلالة لا ترضي الله ورسوله كان عليه مثل آثام من عمل بها لا ينقص ذلك من أوزار الناس شيئا قال أبو عيسى هذا حديث حسن ومحمد بن عيينة هو مصيصي شامي وكثير بن عبد الله هو ابن عمرو بن عوف المزني
قوله : ( حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن ) هو الدارمي ( أخبرنا محمد بن عيينة ) الفزاري المصيصي مقبول من العاشرة ( عن مروان بن معاوية ) بن الحارث بن أسماء الفزاري أبي عبد الله الكوفي نزيل مكة ثم دمشق ثقة حافظ ، وكان يدلس أسماء الشيوخ ، من الثامنة ( عن جده ) هو عمرو بن عوف المزني ( قال لبلال بن الحارث ) المزني مدني صحابي كنيته أبو عبد الرحمن مات سنة ستين ، وله ثمانون سنة ( اعلم ) أي تنبه وتهيأ لحفظ ما أقول لك ( قال أعلم ) أي أنا متهيئ لسماع ما تقول وحفظه -رضي الله عنه- وفي بعض النسخ : ما أعلم ، بزيادة ما الاستفهامية أي أي شيء أعلم ( من أحيا سنة ) أي أظهرها وأشاعها بالقول أو العمل ( من سنتي ) قال الأشرف : ظاهر النظم يقتضي أن يقال من سنني لكن الرواية بصيغة الإفراد انتهى . فيكون المراد بها الجنس ( قد أميتت بعدي ) قال ابن الملك أي تركت تلك السنة عن العمل بها يعني من أحياها من بعدي بالعمل بها أو حث الغير على العمل بها ( من غير أن ينقص ) متعد ويحتمل اللزوم ( من أجورهم ) من للتبعيض أي من أجور من عمل بها فأفرد أولا رعاية للفظه وجمع ثانيا لمعناه ( شيئا ) مفعول به أو مفعول مطلق لأنه حصل له باعتبار الدلالة والإحياء والحث وللعاملين باعتبار الفعل فلم يتواردا على محل واحد حتى يتوهم أن حصول أحدهما ينقص الآخر ( ومن ابتدع بدعة ضلالة ) قال صاحب الدين الخالص قال في المرقاة : قيد به لإخراج البدعة الحسنة ، وزاد في أشعة اللمعات ؛ لأن فيها مصلحة الدين وتقويته وترويجه ، انتهى .

وأقول هذا غلط فاحش [ ص: 370 ] من هذين القائلين ؛ لأن الله ورسوله لا يرضيان بدعة أي بدعة كانت ، ولو أراد النبي -صلى الله عليه وسلم- إخراج الحسنة منها لما قال فيما تقدم من الأحاديث : كل بدعة ضلالة وكل محدثة بدعة وكل ضلالة في النار ، كما ورد بهذا اللفظ في حديث آخر بل هذا اللفظ ليس بقيد ، في الأصل هو إخبار عن الإنكار على البدع ، وأنها مما لا يرضاه الله ولا رسوله ويؤيده قوله تعالى : رهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم وأما ظن مصلحة الدين وتقويته فيها فمن وادي قوله سبحانه : إن بعض الظن إثم ولا أدري ما معنى قوله سبحانه : إن بعض الظن إثم ولا أدري ما معنى قوله تعالى : اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا إن كانت تلك المصلحة في ترويج البدعات يا لله العجب من أمثال هذه القالة لم يعلموا أن في إشاعة البدع إماتة السنن ، وفي إماتتها إحياء الدين وعلومه والذي نفسي بيده إن دين الله الإسلام كامل تام غير ناقص ، ولا يحتاج إلى شيء في كماله وإتمامه ونصوصه مع أدلة السنة المطهرة كافية وافية شافية لجميع الحوادث والقضايا إلى يوم القيامة ، انتهى ما في الدين الخالص مختصرا .

قلت : قوله بدعة ضلالة يروى بالإضافة ويجوز أن ينصب موصوفا وصفة ، وهذه الصفة ليست للاحتراز عن البدعة الحسنة بل هي صفة كاشفة للبدعة يدل عليه قوله -صلى الله عليه وسلم- : كل بدعة ضلالة كما في رواية أبي داود عن العرباض بن سارية -رضي الله عنه- ( لا يرضاها الله ورسوله ) هذا أيضا صفة كاشفة بقوله بدعة .

قوله : ( هذا حديث حسن ) وأخرجه ابن ماجه والحديث ضعيف لضعف كثير بن عبد الله وقد اعترض على تحسين الترمذي لحديثه . قال المنذري في الترغيب بعد نقل تحسين الترمذي ، بل كثير بن عبد الله متروك واه ، ولكن للحديث شواهد ، انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية