صفحة جزء
باب ما جاء في حفظ العورة

2769 حدثنا محمد بن بشار حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا بهز بن حكيم حدثني أبي عن جدي قال قلت يا رسول الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر قال احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك فقال الرجل يكون مع الرجل قال إن استطعت أن لا يراها أحد فافعل قلت والرجل يكون خاليا قال فالله أحق أن يستحيا منه قال أبو عيسى هذا حديث حسن وجد بهز اسمه معاوية بن حيدة القشيري وقد روى الجريري عن حكيم بن معاوية وهو والد بهز
قوله : ( عوراتنا ما نأتي منها وما نذر ) العورات جمع عورة وهي كل ما يستحى منه إذا ظهر [ ص: 44 ] وهي من الرجل ما بين السرة والركبة ، ومن المرأة الحرة جميع جسدها إلا الوجه واليدين إلى الكوعين ، وفي أخمصها خلاف ، ومن الأمة كالرجل وما يبدو في حال الخدمة كالرأس والركبة والساعد فليس بعورة ، وستر العورة في الصلاة وغير الصلاة واجب وفيه عند الخلوة خلاف قاله الجزري في النهاية . ومعنى قوله نذر : أي نترك ، وأمات العرب ماضي يذر ويدع إلا ما جاء في قراءة شاذة في قوله تعالى : " ما ودعك " بالتخفيف قاله العيني ، والمعنى أي عورة نسترها وأي عورة نترك سترها ( احفظ ) أي استر وصن ( عورتك ) ما بين سرتك وركبتك ( إلا من زوجتك أو ما ) أي والأمة التي ( ملكت يمينك ) وحل لك وطؤها وعبر باليمين لأنهم كانوا يتصافحون بها عند العقود ( فقال ) أي جد بهز ( الرجل يكون مع الرجل ) وفي الرواية الآتية بعد عدة أبواب : قال : قلت يا رسول الله إذا كان القوم بعضهم في بعض . أي مختلطون فيما بينهم مجتمعون في موضع واحد ولا يقومون من موضعهم فلا نقدر على ستر العورة وعلى الحجاب منهم على الوجه الأتم والأكمل في بعض الأحيان لضيق الإزار أو لانحلاله لبعض الضرورة ، فكيف نصنع بستر العورة وكيف نحجب منهم ( قال إن استطعت أن لا يراها أحد فافعل ) كذا في هذه الرواية ، وفي الرواية الآتية قال : " إن استطعت أن لا يراها أحد فلا ترينها " ( قلت : فالرجل يكون خاليا ) أي في خلوة ، فما حكمة الستر حينئذ ؟ " ( فالله أحق أن يستحيا منه ) بصيغة المجهول ، أي فاستر طاعة له وطلبا لما يحبه منك ويرضيه ، وليس المراد فاستر منه ، إذ لا يمكن الاستتار منه تعالى قاله السندي . قال الحافظ : مفهوم قوله ( إلا من زوجتك ) يدل على أنه يجوز لها النظر إلى ذلك منه وقياسه أنه يجوز له النظر ، ويدل أيضا على أنه لا يجوز النظر لغير من استثنى ، ومنه الرجل للرجل والمرأة للمرأة ، وفيه حديث في صحيح مسلم يعني به حديث أبي سعيد الآتي في باب كراهية مباشرة الرجل للرجل والمرأة للمرأة ثم إن ظاهر حديث بهز يدل على أن التعري في الخلوة غير جائز مطلقا ، لكن استدل المصنف ـ يعني البخاري ـ على جوازه في الغسل بقصة موسى وأيوب عليهما السلام ، ووجه الدلالة منه على ما قال ابن بطال أنهما مما أمرنا بالاقتداء به ، وهذا إنما يأتي على رأي من يقول شرع من قبلنا شرع لنا . والذي يظهر أن وجه الدلالة منه أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قص القصتين ولم يتعقب شيئا منهما ، فدل على موافقتهما لشرعنا ، وإلا فلو كان فيهما شيء غير موافق لبينه ، فعلى هذا فيجمع بين الحديثين [ ص: 45 ] بحمل حديث بهز بن حكيم على الأفضل ، وإليه أشار يعني البخاري في الترجمة أي بقوله : باب من اغتسل عريانا وحده في خلوة ومن تستر ، والتستر أفضل .

قوله : ( هذا حديث حسن ) وأخرجه أبو داود في الحمام والنسائي في عشرة النساء وابن ماجه في النكاح وصححه الحاكم وذكره البخاري في صحيحه تعليقا .

التالي السابق


الخدمات العلمية