صفحة جزء
باب ما جاء في أسماء النبي صلى الله عليه وسلم

2840 حدثنا سعيد بن عبد الرحمن المخزومي حدثنا سفيان عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لي أسماء أنا محمد وأنا أحمد وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي وأنا العاقب الذي ليس بعدي نبي وفي الباب عن حذيفة قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح
قوله : ( عن محمد بن جبير بن مطعم ) النوفلي ، ثقة عارف بالنسب من الثالثة ( عن أبيه ) هو جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف القرشي النوفلي صحابي عارف بالأنساب ، مات سنة ثمان أو تسع وخمسين .

قوله : ( إن لي أسماء ) وفي رواية البخاري من طريق مالك عن ابن شهاب عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه لي خمسة أسماء . قال الحافظ : الذي يظهر أنه أراد أن لي خمسة أختص بها لم يسم بها أحد قبلي أو معظمة أو مشهورة في الأمم الماضية لا أنه أراد الحصر فيها . قال عياض : حمى الله هذه الأسماء أن يسمى بها أحد قبله وإنما سمى بعض العرب محمدا قرب ميلاده لما سمعوا من الكهان والأحبار أن نبيا سيبعث في ذلك الزمان يسمى محمدا فرجوا أن يكونوا هم فسموا أبناءهم بذلك ، قال وهم ستة لا سابع لهم . قال الحافظ : قد جمعت أسماء من تسمى بذلك في جزء مفرد فبلغوا نحو العشرين ، لكن مع تكرار في بعضهم ووهم في بعض . فيتلخص منهم خمسة عشر نفسا . انتهى ( أنا محمد وأنا أحمد ) قال أهل اللغة : رجل محمد ومحمود : إذا كثرت خصاله المحمودة . قال ابن فارس وغيره : وبه سمي نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ محمدا وأحمد ، أي ألهم الله تعالى أهله أن [ ص: 105 ] سموه به لما علم من جميل صفاته ، وقال الحافظ : إن هذين الاسمين أشهر أسمائه وأشهرهما محمد ، وقد تكرر في القرآن ، وأما أحمد فذكر فيه حكاية عن قول عيسى عليه السلام ، فأما محمد فمن باب التفعيل للمبالغة ، وأما أحمد فمن باب التفضيل ، وقيل سمي أحمد لأنه علم منقول من صفة وهي أفعل التفضيل ، ومعناه أحمد الحامدين . وسبب ذلك ما ثبت في الصحيح أنه يفتح عليه في المقام المحمود بمحامد لم يفتح بها على أحد قبله ، وقيل الأنبياء حمادون وهو أحمدهم أي أكثرهم حمدا أو أعظمهم في صفة الحمد . وأما محمد فهو منقول من صفة الحمد أيضا وهو بمعنى محمود وفيه معنى المبالغة والمحمد الذي حمد مرة بعد مرة كالممدح . قال الأعشى :


إليك أبيت اللعن كان وجيفها إلى الماجد القرم الجواد المحمد

أي الذي حمد مرة بعد مرة أو الذي تكاملت فيه الخصال المحمودة ( وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر ) قال العلماء : المراد محو الكفر من مكة والمدينة وسائر بلاد العرب ، وما زوي له ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الأرض ووعد أن يبلغه ملك أمته . قالوا ويحتمل أن المراد المحو العام بمعنى ، الظهور بالحجة والغلبة كما قال تعالى : ليظهره على الدين كله وجاء في حديث آخر تفسير الماحي بأنه الذي محيت به سيئات من اتبعه ، فقد يكون المراد بمحو الكفر هذا ويكون كقوله تعالى : قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف والحديث الصحيح : الإسلام يهدم ما كان قبله ( وأنا الحاشر ) أي ذو الحشر ( الذي يحشر ) أي يجمع ( على قدمي ) قال النووي : ضبطوه بتخفيف الياء على الإفراد وتشديدها على التثنية ، قال الطيبي : والظاهر على قدميه اعتبارا للموصول إلا أنه اعتبر المعنى المدلول للفظة أنا . وفي شرح السنة : أي يحشر أولا الناس لقوله : " أنا أول من تنشق عنه الأرض " . وقال الحافظ في الفتح : على قدمي أي على أثري ، أي أنه يحشر قبل الناس . وهو موافق لقوله في الرواية الأخرى : " يحشر الناس على عقبي " . انتهى . وقال الطيبي : هو من الإسناد المجازي لأنه سبب في حشر الناس لأن الناس لم يحشروا ما لم يحشر ( وأنا العاقب الذي ليس بعده نبي ) قال النووي : أما العاقب ففسره في الحديث بأنه ليس بعده نبي أي جاء عقبهم . قال ابن الأعرابي : العاقب والعقوب الذي يخلف في الخير من كان قبله .

قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه الشيخان وغيرهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية