صفحة جزء
2962 حدثنا هناد حدثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحق عن البراء بن عازب قال لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة صلى نحو بيت المقدس ستة أو سبعة عشر شهرا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب أن يوجه إلى الكعبة فأنزل الله قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام فوجه نحو الكعبة وكان يحب ذلك فصلى رجل معه العصر قال ثم مر على قوم من الأنصار وهم ركوع في صلاة العصر نحو بيت المقدس فقال هو يشهد أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه قد وجه إلى الكعبة قال فانحرفوا وهم ركوع قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وقد رواه سفيان الثوري عن أبي إسحق
[ ص: 240 ] قوله : ( ستة أو سبعة عشر شهرا ) كذا وقع في هذه الرواية بالشك ، ووقع في بعض ، الروايات ستة عشر بغير شك ، ووقع في بعضها سبعة عشر بغير شك . قال الحافظ : والجمع بين الروايتين سهل ، بأن يكون من جزم بستة عشر لفق من شهر القدوم وشهر التحويل شهرا وألغى الزائد ، ومن جزم بسبعة عشر عدهما معا . ومن شك تردد في ذلك . وذلك أن القدوم كان في شهر ربيع الأول بلا خلاف وكان التحويل في نصف شهر رجب من السنة الثانية على الصحيح وبه جزم الجمهور ( وكان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يحب أن يوجه إلى الكعبة ) جاء بيان ذلك فيما أخرجه الطبري وغيره من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : لما هاجر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى المدينة واليهود أكثر أهلها يستقبلون بيت المقدس أمره الله أن يستقبل بيت المقدس ففرحت اليهود فاستقبلها سبعة عشر شهرا وكان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يحب أن يستقبل قبلة إبراهيم فكان يدعو وينظر إلى السماء فنزلت . ومن طريق مجاهد قال إنما كان يحب أن يتحول إلى الكعبة لأن اليهود قالوا يخالفنا محمد ويتبع قبلتنا؟ فنزلت . وظاهر حديث ابن عباس هذا أن استقبال بيت المقدس إنما وقع بعد الهجرة إلى المدينة لكن أخرج أحمد من وجه آخر عن ابن عباس : كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يصلي بمكة نحو بيت المقدس والكعبة بين يديه والجمع بينهما ممكن بأن يكون أمر ـ صلى الله عليه وسلم ـ لما هاجر أن يستمر على الصلاة لبيت المقدس ، وأخرج الطبراني من طريق ابن جريج قال : صلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أول ما صلى إلى الكعبة ثم صرف إلى بيت المقدس وهو بمكة فصلى ثلاث حجج ثم هاجر فصلى إليه بعد قدومه إلى المدينة ستة عشر شهرا ثم وجهه الله إلى الكعبة . فقوله في حديث ابن عباس الأول أمره الله يرد قول من قال إنه صلى إلى بيت المقدس باجتهاد ، وقد أخرجه الطبري عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وهو ضعيف وعن أبي العالية أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ صلى إلى بيت المقدس يتألف أهل الكتاب وهذا لا ينفي أن يكون بتوقيف . وحديث البراء هذا قد تقدم بإسناده ومتنه في باب ابتداء القبلة من أبواب الصلاة ( وقد رواه سفيان الثوري عن أبي إسحاق ) كما في رواية الشيخين .

التالي السابق


الخدمات العلمية