صفحة جزء
باب ما جاء في المسجد الذي أسس على التقوى

323 حدثنا قتيبة حدثنا حاتم بن إسمعيل عن أنيس بن أبي يحيى عن أبيه عن أبي سعيد الخدري قال امترى رجل من بني خدرة ورجل من بني عمرو بن عوف في المسجد الذي أسس على التقوى فقال الخدري هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال الآخر هو مسجد قباء فأتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك فقال هو هذا يعني مسجده وفي ذلك خير كثير قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح قال حدثنا أبو بكر عن علي بن عبد الله قال سألت يحيى بن سعيد عن محمد بن أبي يحيى الأسلمي فقال لم يكن به بأس وأخوه أنيس بن أبي يحيى أثبت منه
( باب ما جاء في المسجد الذي أسس على التقوى )

قوله : ( عن أنيس بن أبي يحيى ) بضم الهمزة مصغرا الأسلمي واسم أبي يحيى سمعان ثقة ( عن أبيه ) سمعان المدني لا بأس به .

[ ص: 234 ] قوله : ( امترى رجل ) وفي رواية النسائي تمارى ، قال في مجمع البحار : الامتراء والمماراة المجادلة ، والمعنى أنهما تنازعا واختلفا ( فقال هو ) أي المسجد الذي أسس على التقوى المذكور في قوله تعالى لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه ( هذا ) أي هذا المسجد ، وفي رواية لأحمد هو مسجدي ( يعني مسجده ) هذا قول الراوي يفسر قوله صلى الله عليه وسلم هذا ( وفي ذلك ) أي مسجد قباء ( خير كثير ) زاد في رواية لأحمد يعني مسجد قباء ، وهذا قول الراوي يفسر قوله صلى الله عليه وسلم ذلك ، أي يريد صلى الله عليه وسلم بقوله ذلك مسجد قباء . والحديث دليل على أن المسجد الذي أسس على التقوى هو المسجد النبوي . قال الحافظ في الفتح : قد اختلف فيالمراد بقوله تعالى لمسجد أسس على التقوى من أول يوم فالجمهور على أن المراد به مسجد قباء وهو ظاهر الآية . وروى مسلم من طريق عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المسجد الذي أسس على التقوى فقال : هو مسجدكم هذا . ولأحمد والترمذي من وجه آخر عن أبي سعيد : اختلف رجلان في المسجد الذي أسس على التقوى ، فقال أحدهما : هو مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال الآخر : هو مسجد قباء ، فأتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألاه عن ذلك فقال : هو هذا ، وفي ذلك يعني مسجد قباء خير كثير ، ولأحمد عن سهل بن سعد نحوه . وأخرجه من وجه آخر عن سهل بن سعد عن أبي بن كعب مرفوعا . قال القرطبي : هذا السؤال صدر عمن ظهرت له المساواة بين المسجدين في اشتراكهما في أن كلا منهما بناه النبي صلى الله عليه وسلم ، فأجاب بأن المراد مسجده . وكأن المزية التي اقتضت تعيينه دون مسجد قباء لم يكن بناؤه بأمر جزم من الله لنبيه ، أو كان رأيا رآه بخلاف مسجده ، أو كان حصل له أو لأصحابه فيه من الأحوال القلبية ما لم يحصل لغيره ، انتهى . قال الحافظ : يحتمل أن تكون المزية لما اتفق من طول إقامته صلى الله عليه وسلم بمسجد المدينة ، بخلاف مسجد قباء فما أقام به إلا أياما قلائل ، وكفى بهذا مزية من غير حاجة إلى ما تكلفه القرطبي . والحق أن كلا منهما أسس على التقوى . وقوله تعالى في بقية الآية فيه رجال يحبون أن يتطهروا ، يؤيد كون المراد مسجد قباء . وعند أبي داود بإسناد صحيح عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : نزلت فيه رجال يحبون أن يتطهروا في أهل قباء وعلى هذا فالسر في جوابه صلى الله عليه وسلم بأن المسجد الذي أسس على التقوى مسجده رفع توهم أن ذلك خاص بمسجد قباء والله أعلم . قال الداودي وغيره : ليس هذا [ ص: 235 ] اختلافا ؛ لأن كلا منهما أسس على التقوى ، وكذا قال السهيلي ، وزاد غيره أن قوله تعالى : من أول يوم يقتضي أنه مسجد قباء ; لأن تأسيسه كان في يوم حل النبي صلى الله عليه وسلم بدار الهجرة ، انتهى .

قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه أحمد والنسائي .

التالي السابق


الخدمات العلمية