صفحة جزء
3095 حدثنا الحسين بن يزيد الكوفي حدثنا عبد السلام بن حرب عن غطيف بن أعين عن مصعب بن سعد عن عدي بن حاتم قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب فقال يا عدي اطرح عنك هذا الوثن وسمعته يقرأ في سورة براءة اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله قال أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئا استحلوه وإذا حرموا عليهم شيئا حرموه قال أبو عيسى هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد السلام بن حرب وغطيف بن أعين ليس بمعروف في الحديث
قوله : ( عن غطيف بن أعين ) الشيباني الجزري ، ويقال بالضاد المعجمة ، ضعيف من السابعة كذا في التقريب ، وقال في تهذيب التهذيب في ترجمته : روى له الترمذي حديثا واحدا وقال ليس بمعروف في الحديث .

قوله : ( وفي عنقي صليب ) هو كل ما كان على شكل خطين متقاطعين .

وقال في المجمع : هو المربع من الخشب للنصارى يدعون أن عيسى عليه السلام صلب على خشبة على تلك الصورة ( اطرح عنك ) أي ألق عن عنقك ( هذا الوثن ) هو كل ما له جثة معمولة [ ص: 391 ] من جواهر الأرض أو من الخشب والحجارة ، كصورة الآدمي ، والصنم : الصورة بلا جثة ، وقيل هما سواء ، وقد يطلق الوثن على غير الصورة ، ومنه حديث عدي : قدمت عليه ـ صلى الله عليه وسلم ـ وفي عنقي صليب من ذهب فقال : ألق هذا الوثن عنك ، قاله في المجمع اتخذوا أحبارهم أي علماء اليهود ورهبانهم أي عباد النصارى أربابا من دون الله حيث اتبعوهم في تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله ( قال ) أي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ( أما ) بالتخفيف حرف التنبيه ( إذا أحلوا لهم شيئا ) أي جعلوه لهم حلالا وهو مما حرمه الله تعالى ( استحلوه ) أي اعتقدوه حلالا ( وإذا حرموا عليهم شيئا ) أي وهو مما أحله الله ( حرموه ) أي اعتقدوه حراما .

قال في فتح البيان : في هذه الآية ما يزجر من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ، عن التقليد في دين الله ، وتأثير ما يقوله الأسلاف على ما في الكتاب العزيز والسنة المطهرة ، فإن طاعة المتمذهب لمن يقتدي بقوله ويستن بسنته من علماء هذه الأمة ، مع مخالفته لما جاءت به النصوص وقامت به حجج الله وبراهينه هو كاتخاذ اليهود والنصارى للأحبار والرهبان أربابا من دون الله للقطع بأنهم لم يعبدوهم بل أطاعوهم وحرموا ما حرموا وحللوا ما حللوا ، وهذا هو صنيع المقلدين من هذه الأمة ، وهو أشبه به من شبه البيضة بالبيضة ، والتمرة بالتمرة ، والماء بالماء .

فيا عباد الله ما بالكم تركتم الكتاب والسنة جانبا وعمدتم إلى رجال هم مثلكم في تعبد الله لهم بهما ، وطلبه للعمل منهم بما دلا عليه وأفاداه فعملتم بما جاءوا به من الآراء التي لم تعمد بعماد الحق ، ولم تعضد بعضد الدين ونصوص الكتاب والسنة ، تنادي بأبلغ نداء ، وتصوت بأعلى صوت بما يخالف ذلك ويباينه ، فأعرتموها آذانا صما ، وقلوبا غلفا ، وأذهانا كليلة ، وخواطر عليلة ، وأنشدتم بلسان الحال :


وما أنا إلا من غزية إن غوت غويت وإن ترشد غزية أرشد

. انتهى .

وقال الرازي في تفسيره : قال شيخنا ومولانا خاتمة المحققين والمجتهدين رضي الله عنه : قد شاهدت جماعة من مقلدة الفقهاء قرأت عليهم آيات كثيرة من كتاب الله تعالى في بعض المسائل فكانت مذاهبهم بخلاف تلك الآيات ، فلم يقبلوا تلك الآيات ولم يلتفتوا إليها وبقوا ينظرون إلي كالمتعجب ، يعني كيف يمكن العمل بظواهر هذه الآيات مع أن الرواية عن سلفنا وردت إلى خلافها ، ولو تأملت حق التأمل وجدت هذا الداء ساريا في عروق الأكثرين من أهل الدنيا [ ص: 392 ] انتهى .

قوله : ( هذا حديث حسن غريب ) وأخرجه أحمد وابن جرير وابن سعد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في سننه .

التالي السابق


الخدمات العلمية