صفحة جزء
3138 حدثنا ابن أبي عمر حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن أبي معمر عن ابن مسعود قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عام الفتح وحول الكعبة ثلاث مائة وستون نصبا فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يطعنها بمخصرة في يده وربما قال بعود ويقولجاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد قال هذا حديث حسن صحيح وفيه عن ابن عمر
قوله : ( أخبرنا سفيان ) هو ابن عيينة ( عن ابن أبي نجيح ) هو عبد الله ، واسم أبي نجيح يسار ( وعن أبي معمر ) هو عبد الله بن سخبرة . قوله : ( ثلاثمائة وستون نصبا ) بضم النون والصاد المهملة وقد تسكن بعدها موحدة : هي واحدة الأنصاب ، وهو ما ينصب للعبادة من دون الله تعالى . ووقع في رواية ابن أبي شيبة عن ابن عيينة ضما بدل نصبا ، ويطلق النصب ويراد به الحجارة التي كانوا يذبحون عليها للأصنام وليست مرادة هنا ، وتطلق الأنصاب على أعلام الطريق وليست مرادة هنا ولا في الآية ( فجعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يطعنها ) بضم العين وبفتحها والأول أشهر ( بمخصرة ) كمكنسة مما يتوكأ عليه كالعصا ونحوه . وما يأخذه الملك ، يشير به إذا خاطب ، والخطيب إذا خطب ( وربما قال بعود ) .

وفي حديث أبي هريرة عند مسلم . يطعن في عينيه بسية القوس . وفي حديث ابن عمر عند الفاكهي وصححه ابن حبان . فيسقط الصنم ولا يمسه ، وللفاكهي والطبراني من حديث ابن عباس فلم يبق وثن استقبله إلا سقط على قفاه مع أنها كانت ثابتة بالأرض ، وقد شد لهم إبليس أقدامها بالرصاص ، وفعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذلك لإذلال الأصنام وعابديها ، ولإظهار أنها لا تنفع ولا تضر ولا تدفع عن نفسها شيئا . كذا في الفتح جاء الحق وزهق الباطل أي جاء الإسلام وبطل الكفر إن الباطل كان زهوقا أي مضمحلا زائلا جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد أي زال الباطل وهلك ; لأن الإبداء والإعادة من صفة الحي فعدمهما عبارة عن الهلاك والمعنى جاء الحق وهلك الباطل . وقيل الباطل الأصنام . وقيل إبليس لأنه صاحب الباطل ، أو لأنه هالك ، كما قيل له الشيطان من شاط ، إذا هلك ، أي لا يخلق الشيطان ولا الصنم أحدا ولا يبعثه ، فالمنشئ والباعث هو الله تعالى لا شريك له ، وهذه الآية أعني جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد في سورة سبأ .

[ ص: 456 ] قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه الشيخان .

قوله : ( وفيه عن ابن عمر ) أخرجه الفاكهي وصححه ابن حبان كما تقدم في عبارة الفتح .

التالي السابق


الخدمات العلمية