صفحة جزء
باب ما جاء في الصلاة في الثوب الواحد

339 حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن هشام بن عروة عن أبيه عن عمر بن أبي سلمة أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في بيت أم سلمة مشتملا في ثوب واحد قال وفي الباب عن أبي هريرة وجابر وسلمة بن الأكوع وأنس وعمرو بن أبي أسيد وأبي سعيد وكيسان وابن عباس وعائشة وأم هانئ وعمار بن ياسر وطلق بن علي وعبادة بن الصامت الأنصاري قال أبو عيسى حديث عمر بن أبي سلمة حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من التابعين وغيرهم قالوا لا بأس بالصلاة في الثوب الواحد وقد قال بعض أهل العلم يصلي الرجل في ثوبين
( باب ما جاء في الصلاة في الثوب الواحد )

قوله : ( مشتملا في ثوب واحد ) زاد الشيخان واضعا طرفيه على عاتقيه ، والعاتق ما بين [ ص: 262 ] المنكب إلى أصل العنق ، وقال الطيبي : الاشتمال التوشح والمخالفة بين طرفي الثوب بأن يأخذ الذي ألقاه على منكبه الأيمن من تحت يده اليسرى ويأخذ طرفه الذي ألقاه على منكبه الأيسر من تحت يده اليمنى ، ثم يعقدهما على صدره ، يعني لئلا يكون سدلا ، وكذا قال ابن السكيت ، وقال ابن بطال .

فائدة : الالتحاف المذكور أن لا ينظر المصلي إلى عورة نفسه إذا ركع ولئلا يسقط الثوب عند الركوع والسجود .

قوله : ( وفي الباب عن أبي هريرة وجابر وسلمة بن الأكوع وأنس وعمرو بن أبي أسيد وأبي سعيد الخدري وكيسان وابن عباس وعائشة وأم هانئ وعمار بن ياسر وطلق بن علي وعبادة بن الصامت الأنصاري ) .

أما حديث أبي هريرة فأخرجه البخاري بلفظ : " من صلى في ثوب واحد فليخالف بين طرفيه " . وأخرج الشيخان عنه بلفظ : لا يصلين أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقيه منه شيء .

وأما حديث جابر فأخرجه الشيخان وأبو داود بلفظ : يا جابر إذا كان واسعا فخالف بين طرفيه وإذا كان ضيقا فاشدده على حقويك .

وأما حديث سلمة بن الأكوع فأخرجه أبو داود والنسائي ، وأما حديث أنس فأخرجه البخاري ، وأما حديث عمرو بن أبي أسيد وأبي سعيد الخدري فأخرجه أحمد ، وأما حديث كيسان بفتح الكاف وسكون التحتية فأخرجه ابن أبي شيبة عنه : قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر والعصر في ثوب واحد متلببا به .

وأما حديث ابن عباس فأخرجه ابن أبي شيبة بلفظ : أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في ثوب واحد يتقي بفضوله حر الأرض وبردها .

وأما حديث عائشة فأخرجه الخطيب في المتفق .

وأما حديث أم هانئ وعمار بن ياسر فأخرجه ابن عساكر بلفظ : قال أمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثوب واحد متوشحا به .

[ ص: 263 ] وأما حديث طلق بن علي فأخرجه عبد الرزاق وابن أبي شيبة بلفظ : قال جاء رجل فقال يا نبي الله ما ترى في الصلاة في ثوب واحد فأطلق النبي صلى الله عليه وسلم إزاراه فطارت به رداؤه ، ثم اشتمل بهما فلما قضى الصلاة قال : أكلكم يجد ثوبين .

وأما حديث عبادة بن الصامت الأنصاري أخرجه ابن عساكر بلفظ : قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه قطيفة رومية قد عقدها على عنقه ، ثم صلى بنا ما عليه غيرها .

قوله : ( حديث عمر بن أبي سلمة حديث حسن صحيح ) وأخرجه الشيخان ( وقد قال بعض أهل العلم : يصلي الرجل في ثوبين ) قال الحافظ في الفتح : كان الخلاف في منع جواز الصلاة في الثوب الواحد قديما . روى ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال : لا تصلين في ثوب واحد وإن كان أوسع ما بين السماء والأرض . ونسب ابن بطال ذلك لابن عمر ، ثم قال : لا يتابع عليه ، ثم استقر الأمر على الجواز ، انتهى .

فائدة : اعلم أنه لا شك في أن الصلاة في الثوب الواحد جائزة لكنها في الثوبين أفضل عند وجودهما . روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة قال : قام رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن الصلاة في الثوب الواحد فقال : أوكلكم يجد ثوبين : ثم سأل رجل عمر فقال : إذا وسع الله فأوسعوا ، جمع رجل عليه ثيابه ، صلى رجل في إزار وقميص ، في إزار وقباء ، في سراويل ورداء ، في سراويل وقميص ، في سراويل وقباء ، الحديث . قال الحافظ : جمع رجل هو بقية قول عمر وأورده بصيغة الخبر ومراده الأمر قال ابن بطال : يعني ليجمع ويصلي ، انتهى . قال وفيه أن الصلاة في الثوبين أفضل من الثوب الواحد ، انتهى : قال العيني في شرح البخاري : واختلف أصحاب مالك في من صلى في سراويل وهو قادر على الثياب ، ففي المدونة لا يعيد في الوقت ولا في غيره وعن ابن القاسم مثله . وعن أشهب عليه الإعادة في الوقت ، وعنه أن صلاته تامة إن كان ضيقا . وأخرج أبو داود من حديث عبد الله بن بريدة ، عن أبيه قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي في لحاف ولا يوشح به والآخر : أن تصلي في سراويل ليس عليك رداء . وبظاهره أخذ بعض أصحابنا وقال : تكره الصلاة في السراويل وحدها . والصحيح أنه إذا ستر عورته لا تكره الصلاة فيه ، انتهى كلام العيني .

[ ص: 264 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية