صفحة جزء
باب ومن سورة الأحزاب

3199 حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن أخبرنا صاعد الحراني حدثنا زهير أخبرنا قابوس بن أبي ظبيان أن أباه حدثه قال قلنا لابن عباس أرأيت قول الله عز وجل ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه ما عنى بذلك قال قام نبي الله صلى الله عليه وسلم يوما يصلي فخطر خطرة فقال المنافقون الذين يصلون معه ألا ترى أن له قلبين قلبا معكم وقلبا معهم فأنزل الله ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه حدثنا عبد بن حميد حدثني أحمد بن يونس حدثنا زهير نحوه قال أبو عيسى هذا حديث حسن
( سورة الأحزاب ) مدنية وهي ثلاث وسبعون آية .

قوله : ( حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن ) هو الإمام الدارمي ( أخبرنا صاعد ) بن عبيد البجلي أبو محمد أو أبو سعيد ( الحراني ) بفتح الحاء المهملة وشدة الراء بالنون مقبول من كبار العاشرة ( أخبرنا زهير ) هو ابن معاوية . قوله : ( فخطر خطرة ) يريد الوسوسة التي تحصل للإنسان في [ ص: 43 ] صلاته . قال في النهاية في حديث سجود السهو : حتى يخطر الشيطان بين المرء وقلبه يريد الوسوسة ، ومنه حديث ابن عباس : قام نبي الله صلى الله عليه وسلم يوما يصلي فخطر خطرة فقال المنافقون : إن له قلبين انتهى . وفي رواية : صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة فسها فيها فخطرت منه كلمة فسمعها المنافقون فقالوا : إن له قلبين فنزلت ( ألا ترى ) وفي رواية ألا ترون ( أن له قلبين قلبا معكم وقلبا معهم ) أي مع أصحابه فأنزل الله : ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه قال ابن جرير : اختلف أهل التأويل في المراد من قول الله : ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه فقال بعضهم : عنى بذلك تكذيب قوم من أهل النفاق وصفوا نبي الله صلى الله عليه وسلم بأنه ذو قلبين فنفى ذلك عن نبيه وكذبهم ثم ذكر أثر ابن عباس هذا ثم قال : وقال آخرون : بل عنى بذلك رجلا من قريش كان يدعى ذا القلبين من ذهنه ثم ذكر من قال ذلك ثم قال وقال آخرون : بل عنى بذلك زيد بن حارثة من أجل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان تبناه فضرب الله بذلك مثلا انتهى .

وقال ابن كثير في تفسيره : يقول تعالى موطئا قبل المقصود المعنوي أمرا معروفا حسيا وهو أنه كما لا يكون للشخص الواحد قلبان في جوفه ولا تصير زوجته التي يظاهر منها بقوله : أنت علي كظهر أمي أما له . كذلك لا يصير الدعي ولدا للرجل إذا تبناه فدعاه ابنا له فقال : ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم كقوله عز وجل : ما هن أمهاتهم إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم الآية وقوله تعالى : وما جعل أدعياءكم أبناءكم هذا هو المقصود بالنفي ، فإنها نزلت في شأن زيد بن حارثة رضي الله عنه مولى النبي صلى الله عليه وسلم كان النبي صلى الله عليه وسلم قد تبناه قبل النبوة فكان يقال له : زيد بن محمد فأراد الله تعالى أن يقطع هذا الإلحاق وهذه النسبة بقوله تعالى : وما جعل أدعياءكم أبناءكم كما قال تعالى في أثناء السورة : ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شيء عليما وقال هاهنا : ذلكم قولكم بأفواهكم يعني تبنيكم لهم قول لا يقتضي أن يكون ابنا حقيقيا فإنه مخلوق من صلب رجل آخر فما يمكن أن يكون له أبوان كما لا يمكن أن يكون للبشر الواحد قلبان . وقد ذكر غير واحد أن هذه الآية نزلت في رجل من قريش كان يقال له ذو القلبين وأنه كان يزعم أن له قلبين ، كل منهما بعقل وافر فأنزل الله هذه الآية ردا عليه . هكذا روى العوفي عن ابن عباس وقال به مجاهد ، وعكرمة ، والحسن ، وقتادة ، ثم ذكر ابن كثير حديث ابن عباس الذي نحن في [ ص: 44 ] شرحه ، ثم قال : وقال عبد الرزاق : أخبرنا معمر عن الزهري في قوله : ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه قال : بلغنا أن ذلك كان في زيد بن حارثة ضرب له مثل يقول : ليس ابن رجل آخر ابنك ، وكذا قال مجاهد ، وقتادة ، وابن زيد إنها نزلت في زيد بن حارثة رضي الله عنه وهذا يوافق ما قدمناه من التفسير انتهى .

قوله : ( هذا حديث حسن ) وأخرجه أحمد وابن جرير وابن أبي حاتم .

التالي السابق


الخدمات العلمية