صفحة جزء
3238 حدثنا محمد بن بشار حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا سفيان حدثني منصور وسليمان الأعمش عن إبراهيم عن عبيدة عن عبد الله قال جاء يهودي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد إن الله يمسك السماوات على إصبع والأرضين على إصبع والجبال على إصبع والخلائق على إصبع ثم يقول أنا الملك قال فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه قال وما قدروا الله حق قدره قال هذا حديث حسن صحيح حدثنا محمد بن بشار حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا فضيل بن عياض عن منصور عن إبراهيم عن عبيدة عن عبد الله قال فضحك النبي صلى الله عليه وسلم تعجبا وتصديقا قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح
قوله : ( عن إبراهيم ) هو النخعي ( عن عبيدة ) بفتح العين وكسر الموحدة ابن عمرو السلماني ( عن عبد الله ) هو ابن مسعود . قوله : ( جاء يهودي ) وفي رواية للشيخين : جاء حبر ( إن الله يمسك السماوات ) أي يوم القيامة كما في رواية ( والخلائق ) أي من لم يتقدم له ذكر ، وفي رواية : وسائر الخلق ( حتى بدت نواجذه ) جمع ناجذ بنون وجيم مكسورة ثم ذال معجمة وهو ما يظهر عند الضحك من الأسنان ، وقيل هي الأنياب ، وقيل الأضراس ، وقيل الدواخل من الأضراس التي في أقصى الحلق . وفي الرواية الآتية : فضحك النبي صلى الله عليه وسلم تعجبا وتصديقا . وفي رواية للبخاري فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم تعجبا وتصديقا له ، وفي رواية مسلم : تعجبا مما قال الحبر تصديقا له ، وفي رواية جرير عنده : وتصديقا له بزيادة واو . قال النووي : ظاهر الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم صدق الحبر في قوله : إن الله تعالى يقبض السماوات والأرضين والمخلوقات بالأصابع ثم قرأ الآية التي فيها الإشارة إلى نحو ما يقول . قال القاضي : وقال بعض المتكلمين ليس ضحكه صلى الله عليه وسلم وتعجبه وتلاوته الآية تصديقا للحبر بل هو رد لقوله وإنكار وتعجب من سوء اعتقاده فإن مذهب اليهود التجسيم ففهم منه ذلك وقوله : تصديقا له إنما هو من كلام الراوي على ما فهم والأول أظهر انتهى . وقال التميمي : تكلف الخطابي فيه وأتى في معناه ما لم يأت به السلف والصحابة كانوا أعلم بما رووه وقالوا إنه ضحك تصديقا له وثبت في السنة الصحيحة : ما من قلب إلا وهو بين أصبعين من أصابع الرحمن انتهى ، وقد اشتد إنكار ابن خزيمة على من ادعى أن الضحك المذكور كان على سبيل الإنكار . فقال بعد أن أورد هذا الحديث في كتاب التوحيد من صحيحه بطريقه : قد أجل الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم عن أن يوصف ربه بحضرته بما ليس هو من صفاته فيجعل بدل الإنكار والغضب على الواصف ضحكا بل لا يوصف النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الوصف من يؤمن بنبوته انتهى .

قلت : قول من قال إن الضحك المذكور كان على سبيل الإنكار لا شك عندي أنه يستأهل [ ص: 82 ] أن ينكر عليه أشد الإنكار والله تعالى أعلم ( قال ) وفي رواية البخاري في التيسير : ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وما قدروا الله حق قدره أي ما عرفوه حق معرفته ، أو ما عظموه حق عظمته حين أشركوا به غيره . قال النووي : هذا الحديث من أحاديث الصفات وفيها مذهبان : التأويل والإمساك عنه مع الإيمان بها مع اعتقاد أن الظاهر منها غير مراد ، فعلى قول المتأولين يتأولون الأصابع هنا على الاقتدار أي خلقها مع عظمها بلا تعب ولا ملل ، والناس يذكرون الأصبع في مثل هذا للمبالغة والاحتقار فيقول أحدهم بأصبعي أقتل زيدا أي لا كلفة علي في قتله ، وقيل يحتمل أن المراد أصابع بعض مخلوقاته وهذا غير ممتنع والمقصود أن يد الجارحة مستحيلة انتهى .

قلت : الإمساك عن التأويل وإمرار هذه الأحاديث كما جاءت من غير تكييف ولا تحريف هو مذهب السلف . قال القاري في المرقاة : هو أسلم . قلت : بل هو المتعين والله تعالى أعلم .

قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه أحمد والشيخان وصححه النسائي في التفسير .

التالي السابق


الخدمات العلمية