صفحة جزء
باب ومن سورة الفتح

3262 حدثنا محمد بن بشار حدثنا محمد بن خالد ابن عثمة حدثنا مالك بن أنس عن زيد بن أسلم عن أبيه قال سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره فكلمت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسكت ثم كلمته فسكت ثم كلمته فسكت فحركت راحلتي فتنحيت وقلت ثكلتك أمك يا ابن الخطاب نزرت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات كل ذلك لا يكلمك ما أخلقك بأن ينزل فيك قرآن قال فما نشبت أن سمعت صارخا يصرخ بي قال فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا ابن الخطاب لقد أنزل علي هذه الليلة سورة ما أحب أن لي منها ما طلعت عليه الشمس إنا فتحنا لك فتحا مبينا قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح غريب ورواه بعضهم عن مالك مرسلا
( سورة الفتح ) مدنية وهي تسع وعشرون آية .

قوله : ( في بعض أسفاره ) هو سفر عمرة الحديبية كما في رواية الطبراني ، وفي رواية البخاري عن زيد بن أسلم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسير في بعض أسفاره وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يسير معه ليلا قال القرطبي : وهذا السفر كان ليلة منصرفه صلى الله عليه وسلم من الحديبية لا أعلم بين أهل العلم في ذلك خلافا ( فسكت ) وفي رواية البخاري : فلم يجبه . قال الحافظ : يستفاد منه أنه ليس لكل كلام جواب بل السكوت قد يكون جوابا لبعض الكلام ، وتكرير عمر السؤال إما لكونه خشي أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسمعه أو لأن الأمر الذي كان يسأل عنه كان مهما عنده ولعل النبي صلى الله عليه وسلم أجابه بعد ذلك وإنما ترك إجابته أولا لشغله بما كان فيه من نزول الوحي ( فقلت ) أي لنفسي ( ثكلتك أمك ) بفتح المثلثة وكسر الكاف من الثكل وهو فقدان المرأة ولدها دعا عمر على نفسه بسبب ما وقع منه من الإلحاح ، ويحتمل أن يكون لم يرد الدعاء على نفسه حقيقة وإنما هي من الألفاظ التي تقال عند الغضب من غير قصد معناها ( نزرت رسول الله صلى الله عليه وسلم ) بفتح النون وبالزاي بعدها راء بالتخفيف والتثقيل والتخفيف أشهر أي ألححت عليه ( ما أخلقك ) صيغة التعجب من خلق ككرم صار خليقا أي جديرا ( فما نشبت ) بكسر الشين المعجمة بعدها موحدة ساكنة أي ما لبثت . قال في النهاية : لم ينشب أن فعل كذا أي لم يلبث وحقيقته لم يتعلق بشيء غيره ولا اشتغل بسواه ( صارخا ) أي مصوتا ( ما أحب أن لي بها ما طلعت عليه الشمس ) أي لما فيها من البشارة [ ص: 106 ] بالمغفرة والفتح إنا فتحنا لك فتحا مبينا الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وحده واختلف في تعيين هذا الفتح فقال الأكثر على ما في البخاري : هو صلح الحديبية والصلح قد يسمى فتحا . قال الفراء : والفتح قد يكون صلحا ، وقال قوم : إنه فتح مكة وقال آخرون إنه فتح خيبر . والأول أرجح . ويؤيده حديث أسلم العدوي هذا .

قوله : ( هذا حديث حسن غريب صحيح ) وأخرجه أحمد والبخاري والنسائي .

التالي السابق


الخدمات العلمية