صفحة جزء
باب ما جاء أنه يأخذ لرأسه ماء جديدا

35 حدثنا علي بن خشرم أخبرنا عبد الله بن وهب حدثنا عمرو بن الحارث عن حبان بن واسع عن أبيه عن عبد الله بن زيد أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم توضأ وأنه مسح رأسه بماء غير فضل يديه قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وروى ابن لهيعة هذا الحديث عن حبان بن واسع عن أبيه عن عبد الله بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ وأنه مسح رأسه بماء غير فضل يديه ورواية عمرو بن الحارث عن حبان أصح لأنه قد روي من غير وجه هذا الحديث عن عبد الله بن زيد وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ لرأسه ماء جديدا والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم رأوا أن يأخذ لرأسه ماء جديدا
قوله : ( حدثنا علي بن خشرم ) بمعجمتين على وزن جعفر المروزي ثقة ( نا عبد الله بن وهب ) ابن مسلم القرشي مولاهم المصري الفقيه حافظ عابد من التاسعة مات سنة تسع وتسعين ومائة عن أربع وسبعين سنة ( نا عمرو بن الحارث ) ابن يعقوب الأنصاري مولاهم المصري أبو أيوب ثقة فقيه حافظ من السابعة مات قديما قبل الخمسين ومائة (عن حبان ) بفتح الحاء المهملة وبالموحدة المشددة ( بن واسع ) ابن حبان بن منقذ بن عمرو الأنصاري ثم المازني المدني ، صدوق من الخامسة ( عن أبيه ) واسع بن حبان بفتح المهملة ثم موحدة ثقيلة صحابي ابن صحابي وقيل بل ثقة من كبار التابعين .

قوله : ( وأنه مسح بماء غير فضل يديه ) . قال النووي معناه أنه مسح الرأس بماء جديد لا ببقية من ماء يديه ، ولا يستدل بهذا على أن الماء المستعمل لا تصح الطهارة به لأن هذا إخبار عن الإتيان بماء جديد للرأس ولا يلزم من ذلك اشتراطه . انتهى . قال في سبل السلام : وأخذ ماء جديد للرأس [ ص: 116 ] أمر لا بد منه ، وهو الذي دلت عليه الأحاديث .

قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه مسلم مطولا .

قوله : ( وأنه مسح بماء غبر ) بالغين المعجمة والباء الموحدة المفتوحتين ، أي بقي ، وما موصولة ، وفي بعض النسخ بماء غبر ( فضل يديه ) كذا في النسخ المطبوعة الموجودة عندنا وفي نسخة قلمية عتيقة صحيحة من فضل يديه ، بزيادة لفظة من ، وهو الظاهر ، والظاهر عندي أن من بيانية ، والمعنى أنه لم يمسح الرأس بماء جديد بل مسح بما بقي على يديه أي ببقية من ماء يديه وأما على ما في النسخة المطبوعة فالظاهر أن فضل يديه بالجر بدل من غبر ، ويجوز أن يكون بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف ، أي وهو فضل يديه ، هذا كله ما عندي والله تعالى أعلم ، ورواية ابن لهيعة هذه مخالفة لرواية عمرو بن الحارث المذكورة أولا ، ولكن رواية عمرو أصح من رواية ابن لهيعة كما صرح به الترمذي .

قوله : ( والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم رأوا أن يأخذ لرأسه ماء جديدا ) واستدلوا على ذلك بحديث الباب ، قال أبو الطيب السندي في شرح الترمذي : وبه أخذ علماؤنا - يعني الحنفية - غير أنهم قالوا هذا إذا أصاب يده شيئا بحيث لم يبق البلل في يده ، وهو لا ينافي الحديث بل العلة تقتضيه ، نعم ظاهر هذا الحديث الإطلاق فيأخذ ماء جديدا على كل حال ، لكن الحديث الثاني مسح رأسه بماء غبر أي بقي من فضل يديه يدل على الذي ذهب إليه علماؤنا ، فهم حملوا الحديثين على حالة والآخر على حالة أخرى ففيه جمع بين الحديثين ، ولا شك أن الجمع أولى . انتهى كلام أبي الطيب .

قلت : رواية مسح بما غبر تفرد بها ابن لهيعة وهو ضعيف ، وخالف فيها عمرو بن الحارث وهو ثقة حافظ ، فهذه الرواية غير محفوظة ، نعم أخرج أبو داود عن ربيع بنت معوذ أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح برأسه من فضل ماء كان في يده ، قال السيوطي في مرقاة الصعود : احتج به من رأى طهورية الماء المستعمل ، وتأوله البيهقي على أنه أخذ ماء جديدا وصب نصفه ومسح ببلل يده ، ليوافق [ ص: 117 ] حديث عبد الله بن زيد " ومسح رأسه بماء غبر فضل يديه " أخرجه مسلم والمصنف يعني أبا داود والترمذي . انتهى كلام السيوطي .

قلت : إن صح حديث ربيع بنت معوذ هذا فلا حاجة إلى تأويل البيهقي . بل يقال كلا الأمرين جائزان إن شاء أخذ لرأسه ماء جديدا أو إن شاء مسحه بفضل ما يكون في يده ، لكن في سنده ابن عقيل ، وفيه مقال مشهور كما عرفت ، وفي متنه اضطراب ، فإن ابن ماجه أخرج من طريق شريك عن عبد الله بن عقيل عن الربيع بنت معوذ قالت : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بميضأة فقال : اسكبي ، فسكبت ، فغسل وجهه وذراعيه وأخذ ماء جديدا فمسح به رأسه مقدمه ومؤخره . فالقول الراجح هو أن يؤخذ لمسح الرأس ماء جديد والله تعالى أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية