صفحة جزء
باب منه

3400 حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن أخبرنا عمرو بن عون أخبرنا خالد بن عبد الله عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا أخذ أحدنا مضجعه أن يقول اللهم رب السموات ورب الأرضين وربنا ورب كل شيء وفالق الحب والنوى ومنزل التوراة والإنجيل والقرآن أعوذ بك من شر كل ذي شر أنت آخذ بناصيته أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء والظاهر فليس فوقك شيء والباطن فليس دونك شيء اقض عني الدين وأغنني من الفقر قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح
قوله : ( حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن ) هو الدارمي ( أخبرنا عمرو بن عون ) هو أبو عثمان الواسطي ( أخبرنا خالد بن عبد الله ) المزني الواسطي . قوله : ( اللهم رب السماوات ورب الأرضين ) أي خالقهما ومربي أهلهما ( ورب كل شيء ) تعميم بعد تخصيص ( فالق الحب ) الفلق [ ص: 243 ] بمعنى الشق " والنوى " جمع النواة وهي عظم النخل وفي معناه عظم غيرها والتخصيص لفضلها أو لكثرة وجودها في ديار العرب ، يعني : يا من شقهما فأخرج منهما الزرع والنخيل " ومنزل التوراة " من الإنزال وقيل من التنزيل ( والإنجيل والقرآن ) لعل ترك الزبور لأنه مندرج في التوراة أو لكونه مواعظ ليس فيه أحكام . قال الطيبي : فإن قلت ما وجه النظم بين هذه القرائن ، قلت وجهه أنه صلى الله عليه وسلم لما ذكر أنه تعالى رب السماوات والأرض أي مالكهما ومدبر أهلهما عقبه بقوله فالق الحب والنوى لينتظم معنى الخالقية والمالكية ; لأن قوله تعالى : يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي تفسير لفالق الحب والنوى ومعناه يخرج الحيوان النامي من النطفة والحب من النوى ويخرج الميت من الحي أي يخرج هذه الأشياء من الحيوان النامي ثم عقب ذلك بقوله : " منزل التوراة " ليؤذن بأنه لم يكن إخراج الأشياء من كتم العدم إلى فضاء الوجود إلا ليعلم ويعبد ولا يحصل ذلك إلا بكتاب ينزله ورسول يبعثه ، كأنه قيل يا مالك يا مدبر يا هادي أعوذ بك " أعوذ " أي أعتصم وألوذ " من شر كل ذي شر " وفي رواية لمسلم من شر كل شيء " أنت آخذ بناصيته " أي من شر كل شيء من المخلوقات لأنها كلها في سلطانه وهو آخذ بنواصيها . وفي رواية لمسلم : من شر كل دابة أنت آخذ بنواصيها . وفي رواية لمسلم : من شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها " أنت الأول " أي القديم بلا ابتداء " فليس قبلك شيء " قيل هذا تقرير للمعنى السابق وذلك أن قوله : أنت الأول مفيد للحصر بقرينة الخبر باللام فكأنه قيل أنت مختص بالأولية فليس قبلك شيء " وأنت الآخر فليس بعدك شيء " أي الباقي بعد فناء خلقك لا انتهاء لك ولا انقضاء لوجودك " والظاهر فليس فوقك " أي فوق ظهورك " شيء " يعني ليس شيء أظهر منك لدلالة الآيات الباهرة عليك " والباطن " أي الذي حجب أبصار الخلائق عن إدراكك " فليس دونك شيء " أي لا يحجبك شيء عن إدراك مخلوقاتك " اقض عني الدين " قال النووي : يحتمل أن المراد بالدين هنا حقوق الله تعالى وحقوق العباد كلها من جميع الأنواع . وأما معنى الظاهر من أسماء الله فقيل هو من الظهور بمعنى القهر والغلبة وكمال القدرة ومنه ظهر فلان على فلان ، وقيل الظاهر بالدلائل القطعية والباطن المحتجب عن خلقه ، وقيل العالم بالخفيات ، وأما تسميته سبحانه وتعالى بالآخر فقال الإمام أبو بكر الباقلاني : معناه الباقي بصفاته من العلم والقدرة وغيرهما التي كان عليها في الأزل ويكون كذلك [ ص: 244 ] بعد موت الخلائق وذهاب علومهم وقدرهم وحواسهم وتفرق أجسامهم ، انتهى . قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه وابن أبي شيبة .

التالي السابق


الخدمات العلمية