صفحة جزء
باب ما يقول إذا فرغ من الطعام

3456 حدثنا محمد بن بشار حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا ثور بن يزيد حدثنا خالد بن معدان عن أبي أمامة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفعت المائدة من بين يديه يقول الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه غير مودع ولا مستغنى عنه ربنا قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح
( باب ما يقول إذا فرغ من الطعام ) قال ابن بطال : اتفقوا على استحباب الحمد بعد الطعام ووردت في ذلك أنواع ، يعني لا يتعين شيء منها .

قوله : ( أخبرنا يحيى بن سعيد ) القطان ( أخبرنا ثور بن يزيد ) أبو خالد الحمصي . قوله : ( إذا رفعت المائدة من بين يديه ) قد تقدم في الأطعمة من حديث أنس : أنه صلى الله عليه وسلم لم يأكل على خوان قط . وهنا يقول : إذا رفعت مائدته وقد فسروا المائدة بأنها خوان عليه طعام ، فأجاب بعضهم عن هذا بأن أنسا ما رأى ذلك ورآه غيره والمثبت مقدم على النافي ، أو المراد بالخوان صفة مخصوصة والمائدة تطلق على كل ما يوضع عليه الطعام ؛ لأنها مشتقة من ماد يميد إذا تحرك أو أطعم ولا يختص ذلك بصفة مخصوصة ، وقد تطلق المائدة ويراد بها نفس الطعام أو بقيته أو إناؤه ، وقد نقل عن البخاري أنه قال : إذا أكل الطعام على شيء ثم رفع قيل رفعت المائدة ( حمدا ) مفعول مطلق للحمد إما باعتبار ذاته أو باعتبار تضمنه معنى الفعل أو لفعل مقدر ( طيبا ) أي خالصا من الرياء والسمعة ( مباركا ) هو وما قبله صفات لـ " حمدا " ( فيه ) الضمير راجع إلى الحمد أي حمدا ذا بركة دائما لا ينقطع لأن نعمه لا تنقطع عنا فينبغي أن يكون حمدا غير منقطع أيضا ولو نية واعتقادا ( غير مودع ) بنصب غير على أنه حال من الحمد ومودع اسم مفعول من التوديع أي غير متروك أو من الطعام يعني لا يكون آخر طعامنا أو من الله تعالى أي غير متروك الطلب منه والرغبة إليه ، ويجوز رفع غير على أنه خبر مبتدأ محذوف أي هو غير مودع ( ولا مستغنى عنه ) أي هو محتاج إليه غير مستغنى عنه ، وفي رواية البخاري : غير مكفي ولا مودع ولا مستغنى عنه . قال الحافظ : قوله غير مكفي بفتح الميم وسكون الكاف وكسر الفاء وتشديد التحتانية . قال ابن بطال : يحتمل أن يكون من كفأت الإناء فالمعنى غير مردود عليه إنعامه ، ويحتمل أن يكون من الكفاية أي أن الله غير مكفي رزق عباده ؛ لأنه لا يكفيهم أحد غيره . وقال ابن التين : أي غير محتاج إلى أحد لكنه هو الذي يطعم عباده ويكفيهم ، وهذا قول [ ص: 298 ] الخطابي . وقال القزاز : معناه أنه غير مكتف بنفسي عن كفايته . وقال الداودي : معناه لم أكتف من فضل الله ونعمته . قال ابن التين : وقول الخطابي أولى ؛ لأن مفعولا بمعنى مفتعل فيه بعد وخروج عن الظاهر وهذا كله على أن الضمير لله ويحتمل أن يكون الضمير للحمد . وقال إبراهيم الحربي : الضمير للطعام ومكفي بمعنى مقلوب من الإكفاء وهو القلب غير أنه لا يكفى الإناء للاستغناء عنه انتهى ( ربنا ) روي بالرفع والنصب والجر ، فالرفع على تقدير هو ربنا أو أنت ربنا اسمع حمدنا ودعاءنا أو على أنه مبتدأ وخبره غير بالرفع مقدم عليه ، والنصب على أنه منادى حذف منه حرف النداء أو على المدح أو الاختصاص أو إضمارا عني ، والجر على أنه بدل من الله وقيل على أنه بدل من الضمير في عنه . قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه أحمد والبخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجه .

التالي السابق


الخدمات العلمية