صفحة جزء
3495 حدثنا هارون بن إسحق الهمداني حدثنا عبدة بن سليمان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو بهؤلاء الكلمات اللهم إني أعوذ بك من فتنة النار وعذاب النار وفتنة القبر وعذاب القبر ومن شر فتنة الغنى ومن شر فتنة الفقر ومن شر فتنة المسيح الدجال اللهم اغسل خطاياي بماء الثلج والبرد وأنق قلبي من الخطايا كما أنقيت الثوب الأبيض من الدنس وباعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب اللهم إني أعوذ بك من الكسل والهرم والمأثم والمغرم قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح
قوله : ( اللهم إني أعوذ بك من فتنة النار ) أي فتنة تؤدي إلى النار لئلا يتكرر ، ويحتمل أن يراد بفتنة النار سؤال الخزنة على سبيل التوبيخ وإليه الإشارة بقوله تعالى : كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير ( وعذاب النار ) أي من أن أكون من أهل النار وهم الكفار فإنهم هم المعذبون وأما الموحدون فإنهم مؤدبون ومهذبون بالنار لا معذبون بها ( وعذاب القبر ) وهو ضرب من لم يوفق للجواب بمقامع من الحديد وغيره من العذاب . والمراد بالقبر البرزخ والتعبير به للغالب أو كل ما استقر أجزاؤه فيه فهو قبر ( وفتنة القبر ) أي التحير في جواب الملكين ( ومن شر فتنة الغنى ) وهي البطر والطغيان وتحصيل المال من الحرام وصرفه في العصيان والتفاخر بالمال والجاه ( ومن شر فتنة الفقر ) وهي الحسد على الأغنياء والطمع في أموالهم والتذلل بما يدنس العرض ويثلم الدين وعدم الرضا بما قسم الله له وغير ذلك مما لا تحمد عاقبته . قال الغزالي : فتنة الغنى الحرص على جمع المال والحب على أن يكسبه من غير حله ويمنعه من واجبات إنفاقه وحقوقه ، وفتنة الفقر يراد به الفقر الذي لا يصحبه صبر ولا ورع حتى يتورط صاحبه بسببه فيما لا يليق بأهل الدين والمروءة ولا يبالي بسبب فاقته على أي حرام وثب ( اللهم اغسل خطاياي ) أي أزلها عني ( والبرد ) بفتحتين وهو حب الغمام جمع بينهما مبالغة ؛ لأن ما غسل بالثلاثة أنقى مما غسل بالماء وحده فسأل ( بأن يطهره ) التطهير الأعلى الموجب لجنة المأوى والمراد طهرني بأنواع مغفرتك ( وأنق ) من الإنقاء وفي رواية مسلم : نق من التنقية ( من الدنس ) أي الوسخ ( وباعد ) أي أبعد وعبر بالمفاعلة مبالغة ، والمراد بالمباعدة محرما ما حصل منها والعصمة عما سيأتي منها وهو مجاز ؛ لأن حقيقة المباعدة إنما هي في الزمان والمكان وموقع التشبيه أن التقاء المشرق والمغرب مستحيل فكأنه [ ص: 329 ] أراد أن لا يبقى لها منه اقتراب بالكلية ( والمأثم ) أي مما يأثم به الإنسان أو مما فيه إثم أو مما يوجب الإثم أو الإثم نفسه ( والمغرم ) هو مصدر وضع موضع الاسم يريد به مغرم الذنوب والمعاصي وقيل المغرم كالغرم وهو الدين ويريد به ما استدين فيما يكرهه الله أو فيما يجوز ثم عجز عن أدائه ، فأما دين احتاج إليه وهو قادر على أدائه فلا يستعاذ منه . قاله الجزري في النهاية .

قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه الشيخان والنسائي وابن ماجه .

التالي السابق


الخدمات العلمية