صفحة جزء
باب في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم

3551 حدثنا محمود بن غيلان حدثنا أبو داود الحفري عن سفيان الثوري عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن الحارث عن طليق بن قيس عن ابن عباس قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو يقول رب أعني ولا تعن علي وانصرني ولا تنصر علي وامكر لي ولا تمكر علي واهدني ويسر الهدى لي وانصرني على من بغى علي رب اجعلني لك شكارا لك ذكارا لك رهابا لك مطواعا لك مخبتا إليك أواها منيبا رب تقبل توبتي واغسل حوبتي وأجب دعوتي وثبت حجتي وسدد لساني واهد قلبي واسلل سخيمة صدري قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح قال محمود بن غيلان وحدثنا محمد بن بشر العبدي عن سفيان هذا الحديث نحوه
قوله : ( عن عمرو بن مرة ) الجملي المرادي ( عن عبد الله بن الحارث ) الزبيدي المكتب ( عن طليق ) بالتصغير بن قيس الحنفي الكوفي ، ثقة من الثالثة . قوله : ( يقول ) بدل من " يدعو " أو حال ( رب أعني ) أي على أعدائي في الدين والدنيا من النفس والشيطان والجن والإنس ( وامكر لي ولا تمكر علي ) قال الطيبي : المكر الخداع وهو من الله إيقاع بلائه بأعدائه من حيث لا يشعرون ، وقيل هو استدراج العبد بالطاعة فيتوهم أنها مقبولة وهي مردودة ، وقال ابن الملك : المكر الحيلة والفكر في دفع عدو بحيث لا يشعر به العدو ، فالمعنى : ( اللهم اهدني إلى طريق دفع أعدائي عني ولا تهد عدوي إلى طريق دفعه إياه عن نفسه ) كذا في المرقاة ( واهدني ) أي دلني على الخيرات ( ويسر لي الهدى ) أي وسهل اتباع الهداية أو طرق الدلالة حتى لا أستثقل الطاعة ولا أشتغل عن الطاعة ( وانصرني على من بغى علي ) أي ظلمني وتعدى علي ( رب اجعلني لك شكارا ) أي كثير الشكر [ ص: 378 ] على النعماء والآلاء ، وتقديم الجار والمجرور للاهتمام والاختصاص أو لتحقيق مقام الإخلاص ( لك ذكارا ) أي كثير الذكر ( لك رهابا ) أي كثير الخوف ( لك مطواعا ) بكسر الميم مفعال للمبالغة أي كثير الطوع وهو الانقياد والطاعة ( لك مخبتا ) أي خاضعا خاشعا متواضعا من الإخبات قال في القاموس : أخبت خشع ( إليك أواها ) أي متضرعا فعال للمبالغة من أوه تأويها وتأوه تأوها إذا قال أوه أي قائلا كثيرا لفظ أوه وهو صوت الحزين . أي اجعلني حزينا ومتفجعا على التفريط أو هو قول النادم من معصيته المقصر في طاعته وقيل الأواه البكاء ( منيبا ) أي راجعا قيل التوبة رجوع من المعصية إلى الطاعة ، والإنابة من الغفلة إلى الذكر والفكرة ، والأوبة من الغيبة إلى الحضور والمشاهدة قال الطيبي : وإنما اكتفى في قوله أواها منيبا بصلة واحدة لكون الإنابة لازمة للتأوه ورديفا له فكأنه شيء واحد ومن قوله : إن إبراهيم لحليم أواه منيب ( رب تقبل توبتي ) أي بجعلها صحيحة بشرائطها واستجماع آدابها فإنها لا تتخلف عن حيز القبول قال الله تعالى : وهو الذي يقبل التوبة عن عباده . ( واغسل حوبتي ) بفتح الحاء ويضم أي امح ذنبي ( وأجب دعوتي ) أي دعائي ( وثبت حجتي ) أي على أعدائك في الدنيا والعقبى وثبت قولي وتصديقي في الدنيا وعند جواب الملكين ( وسدد لساني ) أي صوبه وقومه حتى لا ينطق إلا بالصدق ولا يتكلم إلا بالحق ( واهد قلبي ) أي إلى الصراط المستقيم ( واسلل ) بضم اللام الأولى أي أخرج من سل السيف إذا أخرجه من الغمد ( سخيمة صدري ) أي غشه وغله وحقده . قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه وابن حبان والحاكم وابن أبي شيبة .

التالي السابق


الخدمات العلمية