صفحة جزء
باب ما جاء في كراهية التشبيك بين الأصابع في الصلاة

386 حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن ابن عجلان عن سعيد المقبري عن رجل عن كعب بن عجرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه ثم خرج عامدا إلى المسجد فلا يشبكن بين أصابعه فإنه في صلاة قال أبو عيسى حديث كعب بن عجرة رواه غير واحد عن ابن عجلان مثل حديث الليث وروى شريك عن محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا الحديث وحديث شريك غير محفوظ
[ ص: 329 ] ( باب ما جاء في كراهية التشبيك بين الأصابع في الصلاة ) التشبيك إدخال الأصابع بعضها في بعض .

قوله : ( إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه ) بمراعاة السنن وحضور القلب وتصحيح النية ( ، ثم خرج ) أي من بيته ( عامدا إلى المسجد ) أي قاصدا إليه ( فلا يشبكن بين أصابعه ) أي لا يدخلن بعضها في بعض ( فإنه في صلاة ) أي حكما . والحديث فيه كراهة التشبيك من وقت الخروج إلى المسجد للصلاة ، وفيه أنه يكتب لقاصد الصلاة أجر المصلي من حين يخرج من بيته إلى أن يعود إليه . قال صاحب المنتقى بعد أن ساق هذا الحديث : وقد ثبت في خبر ذي اليدين أنه عليه الصلاة والسلام شبك أصابعه في المسجد ، وذلك يفيد عدم التحريم ولا يمنع الكراهة لكونه فعله نادرا ، انتهى . قال الشوكاني . قد عارض حديث الباب يعني حديث كعب بن عجرة المذكور في هذا الباب مع ما فيه هذا الحديث الصحيح في تشبيكه صلى الله عليه وسلم بين أصابعه في المسجد وهو في الصحيحين من حديث أبي هريرة في قصة ذي اليدين بلفظ : ثم قام إلى خشبة معروضة في المسجد فاتكأ عليها كأنه غضبان وشبك بين أصابعه . وفيهما من حديث أبي موسى : المؤمن للمؤمن كالبنيان وشبك بين أصابعه . وعند البخاري من حديث ابن عمر قال : شبك النبي صلى الله عليه وسلم أصابعه . وهذه الأحاديث أصح من حديث الباب ويمكن الجمع بين هذه الأحاديث بأن تشبيكه صلى الله عليه وسلم في حديث السهو كان لاشتباه الحال عليه في السهو الذي وقع منه ، ولذلك وقف كأنه غضبان . وتشبيكه في حديث أبي موسى وقع لقصد التشبيه لتعاضد المؤمنين بعضهم ببعض . كما أن البنيان المشبك بعضه بعضا يشد بعضه بعضا . وأما حديث الباب فهو محمول على التشبيك للعبث وهو منهي عنه في الصلاة ومقدماتها ولواحقها من الجلوس في المسجد والمشي إليه أو يجمع بما ذكره المصنف يعني صاحب المنتقى من أن فعله صلى الله عليه وسلم لذلك نادرا يرفع التحريم ولا يرفع الكراهة ، ولكن يبعد أن يفعل صلى الله عليه وسلم ما كان مكروها . والأولى أن يقال إن النهي عن التشبيك ورد بألفاظ خاصة بالأمة ، وفعله صلى الله عليه وسلم لا يعارض قوله الخاص بهم كما تقرر في الأصول ، انتهى كلام الشوكاني .

[ ص: 330 ] قوله : ( حديث كعب بن عجرة رواه غير واحد عن ابن عجلان مثل حديث الليث ) الحديث أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي والدارمي كذا في المشكاة . قال ميرك : كلهم من حديث سعيد المقبري عن رجل غير مسمى عن كعب بن عجرة لم يذكر الرجل لكن له شاهدا عند أحمد من حديث أبي سعيد ذكره القاري في المرقاة ، وقد ذكر قبل هذا حديث أبي سعيد ، فقال : وقد أخرج أحمد بإسناد جيد من حديث أبي سعيد يرفعه : إذا كان أحدكم في المسجد فلا يشبكن فإن التشبيك من الشيطان فإن أحدكم لا يزال في الصلاة ما دام في المسجد حتى يخرج منه ، انتهى ، وقال الشوكاني في النيل : وحديث كعب بن عجرة أخرجه أيضا ابن ماجه وفي إسناده عند الترمذي رجل مجهول وهو الراوي له عن كعب بن عجرة وقد كنى أبو داود هذا الرجل المجهول فرواه من طريق سعد بن إسحاق قال حدثني أبو ثمامة الخياط عن كعب ، وذكره ابن حبان في الثقات وأخرج له في صحيحه هذا الحديث ، انتهى ( وحديث شريك غير محفوظ ) ؛ لأن شريكا قد خالف الليث بن سعد وغير واحد في روايته عن ابن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة وكان قد تغير حفظه وكان كثير الخطأ . وأما الليث بن سعد فقد كان ثقة ثبتا .

التالي السابق


الخدمات العلمية