صفحة جزء
3900 حدثنا بندار حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن عدي بن ثابت عن البراء بن عازب أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم أو قال قال النبي صلى الله عليه وسلم في الأنصار لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق من أحبهم فأحبه الله ومن أبغضهم فأبغضه الله فقلت له أنت سمعته من البراء فقال إياي حدث قال أبو عيسى هذا حديث صحيح
قوله : " لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق " قال ابن التين : المراد حب جميعهم وبغض جميعهم ؛ لأن ذلك إنما يكون للدين ومن أبغض بعضهم لمعنى يسوغ البغض له فليس داخلا في ذلك وهو تقرير حسن ، وخصوا بهذه المنقبة العظمى لما فازوا به دون غيرهم من القبائل من إيواء النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن معه ، والقيامة بأمرهم ومواساتهم بأنفسهم وأموالهم وإيثارهم إياهم في كثير من الأمور على أنفسهم فكان صنيعهم لذلك موجبا لمعاداتهم جميع الفرق الموجودين ، من عرب وعجم ، والعداوة تجر البغض ، ثم كان ما اختصوا به مما ذكر موجبا للحسد ، والحسد يجر البغض ، فلهذا جاء التحذير من بغضهم والترغيب في حبهم حتى جعل ذلك آية الإيمان والنفاق تنويها بعظيم فضلهم وتنبيها على كريم فعلهم ، وإن كان من شاركهم في معنى ذلك مشاركا لهم في الفضل المذكور كل بقسطه ، وقد ثبت في صحيح مسلم عن علي : أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له : لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق ، وهذا جار باطراد في أعيان الصحابة لتحقق مشترك الإكرام لما لهم من حسن العناء في الدين ، قال صاحب المفهم ، وأما الحروب الواقعة بينهم فإن وقع من بعضهم بغض لبعض فذاك من غير هذه الجهة بل للأمر الطارئ الذي اقتضى المخالفة ، ولذلك لم يحكم بعضهم على بعض بالنفاق ، وإنما كان حالهم في ذلك حال المجتهدين في الأحكام ; للمصيب أجران وللمخطئ أجر واحد . كذا في الفتح

[ ص: 275 ] قوله : ( هذا حديث صحيح ) وأخرجه البخاري في المناقب ومسلم في الإيمان والنسائي في المناقب وابن ماجه في السنة .

التالي السابق


الخدمات العلمية