صفحة جزء
باب ما جاء في خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى العيد في طريق ورجوعه من طريق آخر

541 حدثنا عبد الأعلى بن واصل بن عبد الأعلى الكوفي وأبو زرعة قالا حدثنا محمد بن الصلت عن فليح بن سليمان عن سعيد بن الحارث عن أبي هريرة قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج يوم العيد في طريق رجع في غيره قال وفي الباب عن عبد الله بن عمر وأبي رافع قال أبو عيسى وحديث أبي هريرة حديث حسن غريب وروى أبو تميلة ويونس بن محمد هذا الحديث عن فليح بن سليمان عن سعيد بن الحارث عن جابر بن عبد الله قال وقد استحب بعض أهل العلم للإمام إذا خرج في طريق أن يرجع في غيره اتباعا لهذا الحديث وهو قول الشافعي وحديث جابر كأنه أصح
قوله : ( إذا خرج يوم العيد في طريق رجع في غيره ) ، وفي رواية أحمد : إذا خرج إلى العيد يرجع في غير الطريق الذي خرج فيه .

قوله : ( وفي الباب عن عبد الله بن عمر ) أخرجه أبو داود وابن ماجه ، ورجال إسناد ابن ماجه ثقات ، وفي إسناد أبي داود عبد الله بن عمر العمري وفيه مقال ( وأبي رافع ) أخرجه ابن ماجه وإسناده ضعيف ، وفي الباب أحاديث أخرى ذكرها الشوكاني في النيل .

قوله : ( حديث أبي هريرة حديث حسن ) ، وأخرجه أحمد والدارمي وابن حبان والحاكم وعزاه صاحب المنتقى إلى مسلم ، ولم أر حديث أبي هريرة هذا في صحيح مسلم .

قوله : ( روى أبو تميلة ) بضم المثناة من فوق مصغرا اسمه يحيى بن واضح ، وحديث جابر من هذا الطريق أخرجه البخاري في صحيحه بلفظ : كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا كان يوم عيد خالف الطريق .

قوله : ( قد استحب بعض أهل العلم للإمام إذا خرج في طريق أن يرجع في غيره اتباعا لهذا الحديث ) ، قال أبو الطيب السندي : الظاهر أنه تشريع عام فيكون مستحبا لكل أحد ، ولا تخصيص بالإمام إلا إذا ظهر أنه لمصلحة مخصوصة بالأئمة فقط وهو بعيد ؛ لأن فعله ما كان لكونه مشرعا انتهى ( وهو قول الشافعي ) قال الحافظ في الفتح بعد نقل كلام الترمذي هذا ما لفظه : والذي في الأم أنه يستحب للإمام والمأموم وبه قال أكثر الشافعية ، وقال الرافعي : لم يتعرض في [ ص: 79 ] الوجيز إلا للإمام انتهى . وبالتعميم قال أكثر أهل العلم ، انتهى .

قلت : وبالتعميم قال الحنفية أيضا . وقد اختلف في الحكمة في مخالفته -صلى الله عليه وسلم- الطريق في الذهاب والرجوع يوم العيد على أقوال كثيرة ، قال الحافظ : اجتمع لي منها أكثر من عشرين قولا ، قال القاضي عبد الوهاب المالكي : ذكر في ذلك فوائد بعضها قريب وأكثرها دعاوى فارغة ، فقيل : إنه فعل ذلك ليشهد له الطريقان ، وقيل : سكانهما من الجن والإنس . وقيل : ليسوي بينهما في مزية الفضل بمروره أو في التبرك به أو ليشم رائحة المسك من الطريق التي يمر بها ؛ لأنه كان معروفا بذلك ، وقيل : ليزور أقاربه الأحياء والأموات ، وقيل : ليصل رحمه ، وقيل : ليتفاءل بتغير الحال إلى المغفرة والرضا ، وقيل : لإظهار شعار الإسلام فيهما ؛ وقيل : لإظهار ذكر الله ، وقيل : ليغيظ المنافقين أو اليهود ، وقيل : ليرهبهم بكثرة من معه ، وقيل : فعل ذلك ليعمهم في السرور به أو التبرك بمروره وبرؤيته والانتفاع به في قضاء حوائج في الاستفتاء أو التعلم والاقتداء والاسترشاد أو الصدقة أو السلام عليهم وغير ذلك ، وقيل : لأن الملائكة تقف في الطرقات فأراد أن يشهد له فريقان منهم ، وقيل : لئلا يكثر الازدحام ، وقيل : لأن عدم التكرار أنشط عند طباع الأنام ، وقيل غير ذلك ، وأشار صاحب الهدى إلى أنه فعل ذلك لجميع ما ذكر من الأشياء المحتملة القريبة .

قوله : ( وحديث جابر كأنه أصح ) أي من حديث أبي هريرة قال الحافظ في الفتح : والذي يغلب على الظن أن الاختلاف فيه من فليح فلعل شيخه سمعه من جابر ومن أبي هريرة ويقوي ذلك اختلاف اللفظين ، وقد رجح البخاري أنه عن جابر وخالفه أبو مسعود والبيهقي فرجحا أنه عن أبي هريرة ولم يظهر لي في ذلك ترجيح ، انتهى كلام الحافظ .

التالي السابق


الخدمات العلمية