صفحة جزء
العسال

محمد بن أحمد بن إبراهيم بن سليمان بن محمد القاضي أبو أحمد [ ص: 7 ] الأصبهاني الحافظ ، المعروف بالعسال ، صاحب المصنفات .

رأيت له ترجمة مفردة في جزء للحافظ أبي موسى ، قد سمعه منه الحافظ عبد الغني المقدسي .

سمع من والده وهو من قدماء شيوخه ، فإن والده مات سنة اثنتين وثمانين ومائتين ، وسمع من أبي مسلم الكجي ، ومحمد بن أيوب بن الضريس الرازي ، وأبي بكر بن أبي عاصم ، ومحمد بن أسد المديني صاحب أبي داود الطيالسي ، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة ، والحسن بن علي السري ، وإبراهيم بن زهير الحلواني ، ومطين ، وأبي شعيب الحراني ، وبكر بن سهل الدمياطي ، وأمثالهم .

وقرأ القرآن لنافع على الأستاذ أبي عبد الله محمد بن علي بن عمرو بن سهل الأصبهاني الصوفي عن قراءته على الفضل بن شاذان الرازي .

تلا عليه ولده أبو عامر عبد الوهاب ، وكان من كبراء أهل أصبهان ومتموليهم . طالعت كتاب " المعرفة " له في السنة ينبئ عن حفظه وإمامته ، وأكبر شيخ لوالده هو إسماعيل بن عمرو البجلي صاحب مسعر .

حدث عن أبي أحمد أولاده : أبو جعفر أحمد ، وأبو إسحاق إبراهيم ، وأبو عامر عبد الوهاب ، وأبو الفضل العباس ، وأبو الحسين عامر ، وأبو بكر عبد الله ، وكان أربعة منهم معدلين محدثين ، وهم : [ ص: 8 ] أحمد وإبراهيم وعامر وأبو بكر .

وحدث عنه أيضا : أبو أحمد عبد الله بن عدي ، وأبو بكر بن المقرئ ، وأبو عبد الله بن منده ، وأبو بكر بن مردويه ، وأبو بكر بن أبي علي ، ومحمد بن عبد الله الرباطي ، وأحمد بن إبراهيم القصار ، وأحمد بن محمد بن عبد الله بن ماجه المؤدب ، وأبو سعيد النقاش ، ومحمد بن علي بن مصعب ، وأبو نعيم .

قال الباطرقاني : أخبرنا ابن منده قال : كان أبو أحمد العسال يخلف الطبري وابنه ، وكان أحد الأئمة في علم الحديث .

وقال الحاكم : كان أحد أئمة الحديث .

وقال ابن مردويه : كان أبو أحمد العسال المعدل يتولى القضاء خليفة لعبد الرحمن بن أحمد الطبري ، هو أحد الأئمة في الحديث ، فهما وإتقانا وأمانة .

وقال أبو سعيد النقاش : أخبرنا أبو أحمد العسال ، ولم نر مثله في الإتقان والحفظ .

قلت : وقد رأى النقاش الحاكمين ، والدارقطني ، وأبا بكر الجعابي ، وأبا إسحاق بن حمزة ، وأخذ عنهم ، وهو مع ذلك يقول هذا القول .

قال أبو بكر بن أبي علي الذكواني القاضي : أبو أحمد العسال الثقة المأمون الكبير في الحفظ والإتقان .

وقال أبو نعيم : أبو أحمد من كبار الناس في المعرفة والإتقان والحفظ . صنف الشيوخ ، والتفسير ، وعامة المسند ، ولي القضاء [ ص: 9 ] بأصبهان ، مقبول القول .

وقال الخليلي في " الإرشاد " : ومن أهل أصبهان أبو أحمد العسال ، حافظ ، متقن ، عالم بهذا الشأن ، كان على قضاء أصبهان من شرط الصحاح ، لقيت ابنه أحمد بالري ، فحدثني عن أبيه .

قلت : وقد حدث العسال ببغداد ، وذكره أبو بكر الخطيب في " تاريخه " وقال : أخبرنا الماليني ، أخبرنا ابن عدي ، حدثنا أبو أحمد العسال ببغداد ، حدثنا أحمد بن عمرو بن أبي عاصم ، فذكر حديثا .

قال أبو موسى المديني : ذكر أبو غالب بن هارون الأديب ، قال : كان يكره على تقلد القضاء ، فكان يمتنع منه ، وكان يلح عليه ، حتى أجاب خلافة ونيابة ، استخلفه الطبري وهو مقيم بحضرة ركن الدين حسن بن علي بن بويه سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة ، فلما استخلف الطبري ولده عتبة في سنة اثنتين وأربعين ، وولي عتبة القضاء برأسه في سنة ست وأربعين ، فاستخلف أبا أحمد . وقيل : إنه كان لا يغلق بابه عن أحد ، وكان إذا توجه على الخصم يمين لا يحلفه ما أمكنه ، بل يغرم عنه ما لم يبلغ مائة دينار ، فإذا بلغ المائة أو جاوزها ، كان يتثبت ويدافع ويمهل إلى المجلس الثاني ، ويحذر المدعى عليه وبال اليمين ، ويخوفه يوم الدين ، ويذكره الوقوف بين يدي رب العالمين ، ثم يحلفه على كره .

قال أبو بكر بن مردويه : سمعت أبا أحمد يقول : أحفظ في القرآن خمسين ألف حديث .

[ ص: 10 ] قال أبو موسى : ذكر أبو غالب هبة الله بن محمد بن هارون بخطه ، قال : سمعت بعض أصحاب الحديث : أن محدثا حضر القاضي أبا أحمد قال : إني حلفت أنك تحفظ سبعين ألف حديث ، فهل أنا بار ؟ فقال : برت يمينك ، إني أحفظ في القرآن سبعين ألف حديث .

ويقال : إنه أملى تفسيرا كثيرا من حفظه ، وقيل : أملى أربعين ألف حديث بأردستان ، فلما رجع إلى أصبهان ، قابل ذلك ، فكان كما أملاه .

أخبرنا جماعة كتابة ، أخبرنا الكندي ، أخبرنا الشيباني ، أخبرنا الخطيب ، حدثني عبد الله بن أحمد بن علي السوذرجاني - وكان دينا ثقة - قال : سمعت ابن منده ، يقول : كتبت عن ألف شيخ لم أر فيهم أتقن من أبي أحمد العسال .

وقال يحيى بن منده : سمعت عمي يقول : سمعت أبي يقول : كتبت عن ألف وسبعمائة شيخ ، فلم أجد فيهم مثل أبي أحمد العسال ، وإبراهيم بن محمد بن حمزة . وكذا رواه أحمد بن جعفر الفقيه ، عن أبي عبد الله فقال : ألف وسبعمائة . وعن ابن منده قال : طفت الدنيا مرتين ، فما رأيت مثل العسال .

ذكر أبو غالب أيضا قال : يحكى أنه ما كان يجلس لإملاء الحديث ، ولا يمس جزءا إلا على طهارة ، وأنه كان مرة مع صهره ، فدخل مسجدا ، وشرع في الصلاة ، فختم القرآن في ركعة .

قال أبو غالب : وسمعت جدي يقول : سمعت والدي أبا إسحاق إبراهيم بن القاضي أبي أحمد العسال يقول : لما مات القاضي ، وجلس بنوه للتعزية ، فدخل رجلان في لباس سواد ، وأخذا يولولان [ ص: 11 ] ويقولان : واإسلاماه ، فسئلا عن حالهما فقالا : إنا وردنا من أغمات من المغرب ، لنا سنة ونصف في الطريق في الرحلة إلى هذا الإمام لنسمع منه ، فوافق ورودنا وفاته .

التالي السابق


الخدمات العلمية