صفحة جزء
وهيب : سمعت أيوب ، يقول : ما رأيت أحدا أعلم من الزهري ، فقال له صخر بن جويرية ، ولا الحسن البصري ؟ فقال : ما رأيت أحدا أعلم من الزهري .

الوليد بن مسلم : سمعت سعيد بن عبد العزيز ، يقول : ما كان إلا بحرا ، وسمعت مكحولا ، يقول : ابن شهاب ، أعلم الناس .

وقال ابن عيينة : سمعت أبا بكر الهذلي ، يقول وقد جالس الحسن وابن سيرين : لم أر مثل هذا قط . يعني : الزهري .

وقال العدني : قال ابن عيينة : كانوا يرون يوم مات الزهري ، أنه ليس أحد أعلم بالسنة منه . بقية : عن شعيب بن أبي حمزة ، قيل لمكحول : من أعلم من لقيت ؟ قال : ابن شهاب ، قيل : ثم من ؟ قال : ابن شهاب ، قيل : ثم من ؟ قال : ابن شهاب .

قال ابن القاسم : سمعت مالكا يقول : بقي ابن شهاب ، وما له في الناس نظير . وقال معمر : كان الزهري في أصحابه كالحكم بن عتيبة في أصحابه . قال موسى بن إسماعيل : شهدت وهيبا ، وبشر بن المفضل وغيرهما ذكروا الزهري فلم يجدوا أحدا يقيسونه به إلا الشعبي .

قال علي بن المديني : أفتى أربعة : الحكم وحماد ، وقتادة ، والزهري ، والزهري عندي أفقههم .

[ ص: 337 ] قال سعيد بن عبد العزيز : جعل يزيد الزهري قاضيا مع سليمان بن حبيب . الوليد بن مسلم ، عن الأوزاعي ، عن الزهري ، قال : الاعتصام بالسنة نجاة . روى يونس بن يزيد عنه نحوه .

وروى الأوزاعي عنه ، قال : أمروا أحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما جاءت . الليث : عن جعفر بن ربيعة ، قلت لعراك بن مالك : من أفقه أهل المدينة ؟ .

قال : أما أعلمهم بقضايا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقضايا أبي بكر وعمر وعثمان ، وأفقههم فقها ، وأعلمهم بما مضى من أمر الناس ، فسعيد بن المسيب ، وأما أغزرهم حديثا فعروة ، ولا تشاء أن تفجر من عبيد الله بن عبد الله بحرا إلا فجرته وأعلمهم عندي جميعا ابن شهاب ، فإنه جمع علمهم جميعا إلى علمه .

الحميدي : حدثنا سفيان ، قيل للزهري : لو أنك سكنت المدينة ، ورحت إلى مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقبره ، تعلم الناس منك ، قال : إنه ليس ينبغي أن أفعل حتى أزهد في الدنيا ، وأرغب في الآخرة ، ثم قال سفيان : ومن كان مثل الزهري ؟ .

قلت : كان -رحمه الله- محتشما جليلا بزي الأجناد له صورة كبيرة في دولة بني أمية .

روى الأوزاعي عن الزهري ، قال : إنما يذهب العلم النسيان ، وترك المذاكرة .

عبد الرزاق : سمعت عبيد الله بن عمر ، يقول : أردت أطلب العلم ، فجعلت آتي مشايخ آل عمر ، فأقول : ما سمعت من سالم ؟ فكلما أتيت رجلا منهم ، قال : عليك بابن شهاب ، فإنه كان يلزمه . قال : وابن شهاب يومئذ ، كان بالشام ، فلزمت نافعا فجعل الله في ذلك خيرا كثيرا .

عنبسة عن يونس ، عن ابن شهاب ، قال : قال لي سعيد بن المسيب : ما مات من ترك مثلك .

[ ص: 338 ] مفضل بن فضالة ، عن عقيل ، قال : رأيت على خاتم ابن شهاب : محمد يسأل الله العافية .

إبراهيم بن المنذر الحزامي ، حدثنا داود بن عبد الله ، سمعت مالكا يقول : كان ابن شهاب من أسخى الناس ، فلما أصاب تلك الأموال ، قال له مولى له وهو يعظه : قد رأيت ما مر عليك من الضيق ، فانظر كيف تكون ، أمسك عليك مالك ، قال : إن الكريم لا تحنكه التجارب .

نعيم بن حماد : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن الزهري ، قال : القراءة على العالم والسماع منه سواء إن شاء الله .

قال عبيد الله بن عمر : دفعت إلى ابن شهاب كتابا نظر فيه فقال : اروه عني . إبراهيم بن أبي سفيان القيسراني : حدثنا الفريابي ، سمعت الثوري ، يقول : أتيت الزهري فتثاقل علي ، فقلت له : أتحب لو أنك أتيت مشايخ ، فصنعوا بك مثل هذا ؟ فقال : كما أنت ، ودخل ، فأخرج إلي كتابا ، فقال : خذ هذا فاروه عني ، فما رويت عنه حرفا .

معمر ، عن الزهري ، قال : إعادة الحديث أشد من نقل الصخر .

عبد الوهاب بن عطاء : حدثنا الحسن بن عمارة ، قال : أتيت الزهري بعد أن ترك الحديث ، فألفيته على بابه ، فقلت : إن رأيت أن تحدثني ، قال : أما علمت أني قد تركت الحديث ؟ فقلت : إما أن تحدثني ، وإما أن أحدثك ، فقال : حدثني ، فقلت : حدثني الحكم ، عن يحيى بن الجزار ، سمع عليا -رضي الله عنه- يقول : ما أخذ الله على أهل الجهل أن يتعلموا ، حتى أخذ على أهل العلم أن يعلموا . قال : فحدثني بأربعين حديثا .

قال يحيى بن سعيد القطان : مرسل الزهري شر من مرسل غيره ، لأنه حافظ ، وكل ما قدر أن يسمي سمى ، وإنما يترك من لا يحب أن يسميه .

[ ص: 339 ] قلت : مراسيل الزهري كالمعضل ، لأنه يكون قد سقط منه اثنان ، ولا يسوغ أن نظن به أنه أسقط الصحابي فقط ، ولو كان عنده عن صحابي لأوضحه ولما عجز عن وصله ، ولو أنه يقول : عن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم- ومن عد مرسل الزهري كمرسل سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير ونحوهما ، فإنه لم يدر ما يقول ، نعم مرسله كمرسل قتادة ونحوه .

أبو حاتم : حدثنا أحمد بن أبي شريح ، سمعت الشافعي ، يقول : إرسال الزهري ، ليس بشيء لأنا نجده يروي عن سليمان بن أرقم .

زيد بن يحيى الدمشقي : حدثنا علي بن حوشب ، عن مكحول ، وذكر الزهري ، فقال : أي رجل هو لولا أنه أفسد نفسه بصحبة الملوك ، قلت : بعض من لا يعتد به لم يأخذ عن الزهري لكونه كان مداخلا للخلفاء ، ولئن فعل ذلك فهو الثبت الحجة . وأين مثل الزهري رحمه الله .

سلام بن أبي مطيع ، عن أيوب السختياني ، قال : لو كنت كاتبا عن أحد لكتبت عن ابن شهاب ، قلت : قد أخذ عنه أيوب قليلا . يعقوب السدوسي : حدثني الحلواني ، حدثنا الشافعي ، حدثنا عمي ، قال : دخل سليمان بن يسار على هشام بن عبد الملك ، فقال : يا سليمان : من الذي تولى كبره منهم ؟ قال : عبد الله بن أبي ابن سلول ، قال : كذبت ، هو علي ، فدخل ابن شهاب ، فسأله هشام ، فقال : هو عبد الله بن أبي ، قال : كذبت هو علي ، فقال : أنا أكذب لا أبا لك ، فوالله لو نادى مناد من السماء ، إن الله أحل الكذب ما كذبت ، حدثني سعيد وعروة وعبيد وعلقمة بن وقاص ، عن عائشة : أن الذي تولى كبره عبد الله بن أبي ، قال : فلم يزل القوم يعرون به ، فقال له هشام : ارحل فوالله ما كان ينبغي لنا أن نحمل على مثلك ، قال : ولم ؟ أنا اغتصبتك على نفسي ، أو أنت اغتصبتني على نفسي ؟ فخل عني ، فقال له : لا . ولكنك استدنت ألفي ألف ، فقال : قد علمت ، وأبوك قبلك أني ما استدنت هذا المال عليك ولا على أبيك ، فقال هشام : إنا نهيج الشيخ . فأمر [ ص: 340 ] فقضى عنه ألف ألف فأخبر بذلك ، فقال : الحمد لله الذي هذا هو من عنده .

قال عمي : ونزل ابن شهاب بماء من المياه . فالتمس سلفا فلم يجد ، فأمر براحلته فنحرت ، ودعا إليها أهل الماء ، فمر به عمه فدعاه إلى الغداء ، فقال : يابن أخي : إن مروءة سنة تذهب بذل الوجه ساعة ، قال : يا عم انزل فاطعم ، وإلا فامض راشدا .

ونزل مرة بماء ، فشكا إليه أهل الماء ، أن لنا ثماني عشرة امرأة عمرية أي : لهن أعمار ليس لهن خادم ، فاستسلف ابن شهاب ثمانية عشر ألفا ، وأخدم كل واحدة خادما بألف .

قال سعيد بن عبد العزيز : قضى هشام عن الزهري سبعة آلاف دينار ، وقال : لا تعد لمثلها تدان ، فقال : يا أمير المؤمنين ، حدثني سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين .

قال إسحاق بن الطباع ، عن مالك : قال الزهري : وجدنا السخي لا تنفعه التجارب .

يونس بن عبد الأعلى : سمعت الشافعي ، يقول : مر رجل تاجر بالزهري وهو بقريته ، والرجل يريد الحج ، فأخذ منه بأربعمائة دينار إلى أن يرجع من حجه ، فلم يبرح الزهري حتى فرقه ، فعرف الزهري في وجه التاجر الكراهية ، فلما رجع قضاه ، وأمر له بثلاثين دينارا ينفقها .

علي بن حجر : حدثنا الوليد الموقري ، قال : قيل للزهري : إنهم يعيبون عليك كثرة الدين ، قال : وكم ديني ؟ قيل : عشرون ألف دينار ، قال : ليس كثيرا وأنا مليء لي خمسة أعين كل عين منها ثمن أربعين ألف دينار . سويد بن سعيد : حدثنا ضمام ، عن عقيل بن خالد ، أن ابن شهاب كان [ ص: 341 ] يخرج إلى الأعراب يفقههم ، فجاء أعرابي وقد نفد ما بيده ، فمد الزهري يده إلى عمامتي فأخذها فأعطاه ، وقال : يا عقيل أعطيك خيرا منها .

أبو مسهر : حدثنا سعيد بن عبد العزيز ، قال : كنا نأتي الزهري بالراهب وهي محلة قبلي دمشق ، فيقدم لنا كذا وكذا لونا .

سليمان بن حرب ، عن حماد بن زيد قال : كان الزهري يحدث ثم يقول : هاتوا من أشعاركم وأحاديثكم ، فإن الأذن مجاجة وإن للنفس حمضة . معمر ، عن الزهري ، قال : إذا طال المجلس ، كان للشيطان فيه نصيب .

قال محمد بن إشكاب ، كان الزهري جنديا ، قلت : كان في رتبة أمير .

قال إسحاق المسيبي المقرئ ، عن نافع بن أبي نعيم أنه عرض القرآن على الزهري .

قلت : وكان الزهري يوصف بالعبادة ، فروى معن بن عيسى ، حدثني المنكدر بن محمد ، قال : رأيت بين عيني الزهري أثر السجود . قال الليث بن سعد : كان للزهري قبة معصفرة ، وعليه ملحفة معصفرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية